للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان جزءاً من إجراءات محكمة التفتيش أن تترك السجين يقبع مكتئباً حزيناً في السجن لفترات طويلة قبل التحقيق وفي أثنائه وبعده. وكادت تنقضي سنة كاملة قبل أن يمثل برونو أمام محكمة روما في ديسمبر ١٥٩٣، وحققوا معه، أو قل عذبوه بالتحقيق، ثانية، في إبريل ومايو وسبتمبر وديسمبر ١٥٩٤. واجتمعت المحكمة مرتين في يناير ١٥٩٥ لتدرس الأوراق. وتقول أوراق المحاكمة أنه في مارس ١٥٩٥ وإبريل ١٥٩٦ "مثل برونو أمام كبار الكرادلة، وأنهم زاروه في زنزانته. واستمعوا له وسألوه عما يمكن أن يكون في حاجة إليه (٣٥) "، وفي ديسمبر ١٥٩٦ استمعوا إلى شكواه "من الطعام". وفي مارس ١٥٩٧ استدعي للمثول بين يدي المحققين الذين "استمعوا مرة أخرى إلى ما يحتاج إليه. ولم تعرف ماذا كان يحتاج إليه، ولكن النداءات المتكررة توحي بمصاعب يتعذر وصفها، ليس من بينها هذا التسويف الطويل، المفروض أن الهدف منه هو تحطيم الروح الجياشة إلى حد الإذلال المهذب للنفس. وانقضى عام آخر، وفي ديسمبر ١٥٩٨ سمح له بورق وقلم، وفي ١٤ يناير ١٥٩٩ استدعي مرة أخرى، وتليت عليه ثمان مسائل هرطيقية مأخوذة من كتبه. وطلبوا إليه أن يشجبها علناً، فدافع عن وجهة نظره ولكنه وافق على قبول حكم البابا في المسائل سالفة الذكر. وفي ٤فبراير قرر كليمنت الثامن وهيئة محكمة التفتيش أن هذه المقتبسات هرطيقية صريحة. ولم يرد في أوراق المحاكمة ذكر لآراء برونو في نظريات كوبرنيكس، بل أن الهرطقة انصبت على التجسيد والتثليث. وسمح له بأربعين يوماً أخرى للاعتراف بأخطائه.

واستمعوا له مرة أخرى في ١٨ فبراير، ثم في إبريل وسبتمبر ونوفمبر. وفي ٢١ ديسمبر أعلن أنه لن يتراجع. وفي ٢٠ يناير ١٦٠٠ قدم إلى البابا مذكرة يدعي فيها أن المسائل الواردة في الاتهام اقتبست من مظانها بشكل خاطئ، ويعرض أن يتولى الدفاع عنها أمام رجال الدين، ويقول مرة أخرى أنه يرتضي حكم البابا. وبناء على ذلك، كما تقول سجلات المحاكمة "أصدر قداسة