أعلن برونو عن عزمه على العودة إلى فرانكفورت، أبلغ موسنيجو المحكمة وفي ٢٣ مايو ١٥٩٢ وجد برونو فسه نزيلاً في سجن المحكمة في البندقية. وأوضح موسنيجو أنه "تصرف وفق ما أملاه عليه ضميره، وبأمر من كاهن الاعتراف (٣١). وأبلغ المتحققين أن برونو كان يعارض كل الأديان، ولو أن الكثلكة كانت أحبها إلى نفسه، ولكنه أنكر التثليث وتجسد المسيح وتحول القربان، وأنه اتهم المسيح والرسل بتضليل الناس وخداعهم بالمعجزات المزعومة، وأنه قال بأن كل الأخوة أو رجال الدين والرهبان حمير دنسوا الأرض بنفاقهم وريائهم وجشعهم وحياتهم المملوءة بالشرور، وأن الفلسفة يجب أن تحل محل الديانة، وأن الانغماس في "الملذات الدنيوية" ليس خطيئة وأنه، أي برونو، أشبع شهواته قدر ما سنحت له الفرص (٣٢)، وأن برونو كان قد قال له "أنه استمتع بالنساء كثيراً، ولو أنه لم يبلغ بعد عدد نساء سليمان (٣٣).
وحققت المحكمة مع السجين على مهل، من مايو إلى سبتمبر ١٥٩٢ ودفع بأنه كان قد كتب ما كتب بوصفه فيلسوفاً، وأنه كان يستفيد من تمييز بمبوناتزي بن "الحقين" أنه يجوز للإنسان أن يناقش، بوصفه فيلسوفاً، نظريات قبلها بوصفه كاثوليكياً. وصرح بما يساوره من شكوك في موضوع التثليث. واعترف بأنه مذنب في أخطاء كثيرة، وأبدى ندمه عليها، وتضرع إلى المحكمة وهي تعرف سقامه وعيوبه، أن تعيده إلى أحضان الكنيسة الأم وأن تزوده بما يلائمه من علاج، وأن تستعمل معه الرأفة (٣٤). ولم تستجب المحكمة إلى شيء من هذا وأعادته إلى زنزانته لمدة شهرين آخرين وفي ٣٠ يوليه حققوا معه مرة ثانية، واستمعوا إلى اعترافه وطلبه الرأفة وأعادوه مرة ثانية إلى السجن. وفي سبتمبر طلبت محكمة التفتيش في روما من البندقية إرسال السجين إليها. فاعترضت حكومة البندقية، ولكن المحكمة أوضحت أن برونو من مواطني نابلي، لا البندقية. ووافق السناتو على تسليمه. وفي ٢٧ فبراير ١٥٩٣ تم ترحيله إلى روما.