ينزعون إلى الحب والبلاغة والهدوء والسلام، أما الذين يولدون "تحت تأثير" المريخ فيميلون إلى النزاع والبغض. وآمن بالخصائص الخفية للأشياء والأرقام، وأن الأمراض قد تكون عفاريت، ويمكن علاجها في بعض الحالات بلمسة ملك أو لعاب ابن سابع (٢٩).
وكان همه الأخير أنه كان يؤمل، في حال عودته إلى إيطاليا واستجواب محكمة التفتيش له، في أنه يستطيع أن يقتبس بعض قطع رشيدة من مؤلفاته يخدع بها الكنيسة فتحسبه ابنها البار. وربما راوده الأمل في أن إيطاليا لم تكن قد سمعت بكتابه الذي نشره في إنجلترا "طرد الحيوان المنتصر". والذي كان يمكن أن يفسر الحيوان الذي طرد فيه على أنه الكاثوليكية أو المسيحية أو المبادئ الدينية عامة (٣٠). ولا بد أنه تاقت نفسه إلى إيطاليا وإلا كيف نفسر لهفته على قبول دعوة جيوفني موسنيجو للقدوم إلى البندقية معلماً له وضيفاً عليه؟ وكان موسنيجو سليل أسرة من ألمع أسرات البندقية، وكان كاثوليكياً ورعاً، ولكنه كان مهتماً بالقوى الخفية، وقد أبلغوه أن برونو كان على علم تام بفروع السحر، وأنه يختزن في ذاكرته القوية الكثير من الخفايا والأسرار. وكانت محكمة التفتيش قد أعلنت منذ أمد طويل أن برونو خارج على القانون ويجب القبض عليه في أول فرصة، ولكن البندقية اشتهرت بحماية أمثال هؤلاء الخارجين على القانون، متحدية بذلك محكمة التفتيش. وعلى ذلك سارع برونو إلى مغادرة فرانكفورت في أواخر ١٥٩١ وشق طريقه عبر الألب إلى إيطاليا.
وأعد له موسنيجو مسكناً وتلقى عنه دروساً في تقوية الذاكرة. ولكن تقدم التلميذ كان بطيئاً وظن أن معلمه قد حجب عنه بعض تقاليد السحر الخفية كما أنه في نفس الوقت ارتعد فزعاً من الهرطقات التي تمثلت في الفيلسوف الثرثار القليل الحذر، وسأل موسنيجو كاهن الاعتراف إذا كان يجب عليه أن يبلغ محكمة التفتيش عن برونو، فنصحه الكاهن بالتريث حتى يتثبت من حقيقة برونو بشكل أدق. وامتثل موسنيجو لمشورة الكاهن، ولكن عندما