البروتستنتية أو في فرنسا الكاثوليكية، متربعة على العرش حين مات لوثر (١٥٤٦) الذي لعنها. وبدا خلع هذا المقدوني عن عرشه في نظر الشاب المفكر أحل صورة من صور قتل الطغاة. فلما تقدم راموس لدرجة الأستاذية من جامعة باريس عام ١٥٣٦، وكان يومها في عامه الواحد والعشرين، اتخذ موضوعاً لرسالته هذه الدعوى القاطعة التي كان عليه أن يدافع عنها يوماً بطوله أمام من تحدوه من الكلية وخارجها:"كل ما قاله أرسطو باطل".
كانت حياة راموس أشبه بنشيد يتغنى بالتعليم. فقد ولد قرب مدينة كالفن "نوايون" في إقليم بيكاردي، وحاول مرتين السفر إلى باريس على قدميه يحدوه تعطش إلى كلياتها، ولكنه أخفق في المرتين وقفل إلى قريته مهزوماً. ثم حالفه التوفيق في عام ١٥٢٨، حين بلغ الثانية عشرة، إذ التحق بخدمة طلب غني يحضر للجامعة في كلية نافار- وهي نفس الكلية التي سرقها فيون. وشق بيير طريقه في منهج كلية الآداب العسير طوال سنوات ثمان، يخدم نهاراً ويذاكر ليلاً. وكاد يفقد بصره خلال ذلك، ولكنه عثر على أفلاطون. يقول:
"حين جئت باريس وقعت فريسة لتدقيقات السفسطائيين، فعلموني الآداب الحرة بالأسئلة والمجادلات، دون أن يدلوني على أية فائدة أو منفعة أخرى. فلما تخرجت … انتهيت إلى أن هذه المجادلات لم تكن سوى مضيعة لوقتي. ولما أفزعتني هذه الفكرة، وهداني ملك كريم، وقعت على زينوفون ثم على أفلاطون، ووصلت إلى معرفة فلسفة سقراط"(١٠٢).
ما أكثر من وصلوا منا في عهد الشباب إلى هذا الكشف المبهج، وسعدوا يوم التقوا في أفلاطون بفيلسوف سرت الخمر والشعر في عروقه، وسمع صوت الفلسفة في هواء أثينا نفسه، وأمسك بها وهي محلّقة، وأسلمها