لما استطعنا أن نفسر وجود ذلك العدد الجم من الأبناء غير الشرعيين في كل بلد من بلاد إيطاليا في عصر النهضة. لقد كان من ليس له أبناء غير شرعيين من الرجال والنساء يعد شخصاً ممتازاً يحق له أن يفخر على غيره، ولكن وجود أولئك الأبناء لم يكن يجلل أبويهم عاراً كبيراً؛ وكان الرجل إذا تزوج يستطيع في العادة أن يقنع زوجته بأن تقبل انضمام أبنائه غير الشرعيين إلى أسرته لكي يربوا مع أبنائها منه، ولم تكن حال الابن غير الشرعي عقبة كأداء في سبيله؛ ويكاد المجتمع لا يلقى بالاً مطلقاً إلى هذه الوصمة الاجتماعية. وكان في وسع النغل أن يعد ابناً شرعياً بهبة ينقحها لرجال الكنيسة. كما كان في وسعه أن يرث أملاك أبويه، وأن يرث العرش نفسه إذا لم يكن له أخ شرعي يليق بهذه الوراثة، أو لم يكن له أخ شرعي على الإطلاق. مثال ذلك أن فيرانتي الأول خلف ألفنسو الأول على عرش نابلي، وأن ليونلو دست خلف نقولو الثالث على عرش فيرارا. ولما أن قدم بيوس الثالث إلى فيرارا في عام ١٤٩٥ استقبله سبعة من الأمراء كلهم أبناء غير شرعيين (٢٣). وكان التنافس بين الأبناء الشرعيين وغير الشرعيين مصدر كثير من حوادث العنف في عصر النهضة؛ كما كانت نصف الروايات تدور حول إغواء النساء، وكانت النساء يقرأن في العادة هذه القصص أو يستمعنها، وكل ما يظهرنه من دلائل الحياء أن يطرقن بأبصارهن لحظات قصاراً. وقد وصف ربرت أسقف أكوينو في أواخر القرن الخامس عشر أخلاق الشبان في أسقفيته بأنها فاسدة، وقال إن أولئك الشبان لا يستحون من هذا الفساد. ويروى أنهم كانوا يقولون له أن الفسق ليس من الخطايا، وإن العفة من الأوامر التي عفا عليها الزمان، وإن عادة احتفاظ البنات بعذرتهن آخذة في الزوال (٢٤). وحتى مضاجعة المحارم كان لها من يحبذونها ويتباهون بها.
أما اللواط فقد كاد يصبح من مستلزمات بعث الحضارة اليونانية.