من البلاد. وصدر مرسوم إمبراطوري يأمر بإحراق كتب أريوس جميعها ويجعل إخفاء أي كتاب منها جريمة يعاقب عليها بالإعدام (١).
واحتفل قسطنطين بانقضاض المجلس بأن دعا جميع الأساقفة الذين حضروه إلى وليمة ملكية، ثم صرفهم بعد أن طلب إليهم ألا يمزق بعضهم أجساد بعض (٥١)، ولكنه أخطأ إذ ظن أن النزاع قد وقف عند هذا الحد، أو أنه هو لن يغير رأيه فيه. غير أنه كان على حق حين اعتقد أنه خطا خطوة كبيرة في سبيل وحدة الكنيسة. فلقد أذاع المجلس عقيدة الكثرة العظمى من رجال الدين، وهي أن نظام الكنيسة وبقاءها يتطلبان تحديد العقائد بطريقة ما؛ وقد أثمر آخر الأمر ذلك الإجماع العملي على العقيدة الأساسية التي اشتق منها اسم الكنيسة في العصور الوسطى وهو الكنيسة الكاثوليكية. وكان في الوقت نفسه إيذاناً باستبدال المسيحية بالوثنية وجعلها المظهر الديني والعضد القوي للإمبراطوريّة الرومانية. واضطر قسطنطين أن يكون أكثر تصميماً من ذي قبل على التحالف مع المسيحية؛ وهكذا بدأت حضارة جديدة، ومؤسسة على دين جديد، تقوم على أنقاض ثقافة مضعضعة وعقيدة محتضرة. لقد بدأت العصور الوسطى.
(١) وقرر المجلس أيضاً أن تحتفل الكنائس كلها بعيد القيامة في يوم واحد يحدده كل عام أسقف الإسكندرية على أساس قاعدة فلكية، ويذيعه أسقف روما. أما مسألة بقاء رجال الكنيسة بلا زواج فإن المجلس كان يميل إلى أن يطلب إلى القساوسة المتزوجين أن يتعففوا عن العلاقات الجنسية، ولكن بفنوتيوس Paphntius أسقف طيبة العليا اقنع زملاءه الأساقفة بأن يتركوا العادة المتبعة كما هي، وكانت هذه العادة تحرم الزواج بعد الرسامة، ولكنها تجيز للقس أن يجامع زوجته إذا كان قد بنى بها قبل الرسامة.