كنت في باريس لوافتني المنية قبل انصرام الشهر بسبب الارهاق.
لقد قتل نابليون بالفعل بورتالي Portalis وكريت Cretet (المقصود قتلهم لكثرة ما أوْكل إليهم من أعمال ومهمات) ويكاد يكون قد قتل أيضاً تريلهار Terilhard - رغم قوّة بنيته - لقد كان تريلهار - كالآخرين - لا يستطيع التبوّل وقد قال نابليون إن الرجل المحظوظ هو الذي اختفي بعيداً عن عينَّي في عمق إحدى المحافظات وعندما سأل نابليون لويس - فيليب دي سيجور Louis-Philippe de Segur عما سيقوله الناس عنه بعد موته أجاب سيجور قائلاً:
"إن العالم كله سيعبّر عن أسفه"، لكن نابليون أجاب مصحّحاً:"عفواً، إنهم سيقولون: أفٍ، لقد ارتحنا سيقولونها بارتياح عميق وعلى مستوى العالم ".
لقد أرهق نفسه كما أرهق غيره فقد كانت طاقته أقوى من بدنه. لقد ملأ في عشرين سنة أحداثاً تكفي لقرن لأنه كان يكثّف عمل الأسبوع ليجعله في يوم واحد. لقد كان يأتي إلى مكتبه في حوالي الساعة السابعة صباحاً، ويتوقع أن يكون سكرتيره مستعداً للحضور في أي وقت. لقد كان يقول لبوريين:"تعالَ، دعنا نذهب للعمل". وقال لمينيفال:"كن هنا في الساعة الواحدة ليلاً أو الرابعة صباحاً، لنعمل معاً"، وكان يحضر اجتماعات مجلس الدولة ثلاثة أيام أو أربعة كل الأسبوع، وقال للمستشار روديريه Roederer: " إنني - دائماً - أعمل. إنني أعمل وأنا أتناول غدائي، وأنا في المسرح، بل إنني أقوم في منتصف الليل لأعمل".
وقد نتصوّر أنه لم يكن يجد وقتاً للنوم في ظل هذه الأيام الممتلئة عملاً وإثارة، لكن هذا غير صحيح فبوريين يؤكد لنا:"أن الإمبراطور كان ينام جيداً، ولمدة كافية - سبع ساعات أو ثمان ليلاً بالإضافة إلى إغفاءة بعد الظهر"، وكان يفخر قائلاً للاكاس:"إنني أستطيع النوم في أي ساعة وفي أي مكان إذا دعت الحاجة"، وقد وضَّح نابليون شارحاً أنه يحتفظ بأمور كثيرة مختلفة مرتبة في عقله أو ذاكرته كما لو كانت في أدراج خزانة
"فعندما أرغب في ترك موضوع أغلق الدُّرج الذي به هذا الموضوع لأفتح آخر به موضوع آخر … وإذا أردت النوم أغلقت كل الأدراج عندها أنام حالاً".