فيما يبدو آخر كلماته. وكان قد قال لأوتيلييه "أيتها المرأة الصغيرة، ناوليني كفك الصغيرة" ومات بين ذراعيها قابضاً على يدها ظهر يوم ٢٢ مارس ١٨٣٢ بالغاً اثنتين وثمانين سنة وسبعة شهور (١١٠).
ورأى إكرمان جثمانه في الغد:
"كان الجسد عارياً إلا من كفن أبيض … وأزاح الخادم الملاءة فأذهلني ما رأيت في أطرافه من بهاء إلهي. وكان الصدر قوياً، عريضاً، مقبباً، والذراعان والفخذان ممتلئة مفتولة في رقة؛ والقدمان أنيقتين وفي أكمل هيئة؛ ولم يكن في الجسم كله أثر لا لشحم ولا نحول ولا لتحلل. فقد رقد أمامي رجل كامل في أجمل صورة؛ وأنستني بهجة المنظر لحظة أن الروح الخالدة قد فارقت هذا المسكن"(١١١).
وهكذا اختتم عصر عظيم، ابتداء من انتصار فردريك الكئيب في ١٧٦٣، ومروراً بليسنج وكانط، وفيلاند وهردر، وانتهاء بشيلر وجوته. ولم يوفق العقل الألماني منذ لوثر إلى مثل هذا النشاط والتنوع والثراء في التفكير المستقل. ولم يكن بالكارثة على ألمانيا أنها لم تكن إمبراطورية مترامية كإمبراطورية بريطانيا مستغرقة في الفتح والتجارة؛ ولا ملكية ممركزة كالملكية الفرنسية يمزقها فشل الحكومة؛ ولا استبدادية كاستبدادية روسيا تتخم نفسها بالأرض أو تخدر نفسها بالماء المقدس. إن ألمانيا-من الناحية السياسية-لم تكن قد ولدت بعد، ولكنها في الأدب كانت تتحدى العالم الغربي، وفي الفلسفة تقود هذا العالم.