من مصلحة إيطاليا في تلك الأزمة أن تنقسم على نفسها وأن تمزقها الأحقاد والحروب الداخلي. ولم يرتبط فرانتي مع لورندسو بشيء، ولكنه مر بأن يحجز لورندسو كما يحجز الأسير والضيف الكريم.
وزادت الانتصارات المستمرة التي نالها ألفنسو على جيوش فلورنس وإلحاح سكتس المستمر بأن يرسل لورندسو إلى روما أسيراً بابويا، زادت هذه وتلك مهمة لورندسو صعوبة على صعوبتها. وبقي أمر زعيم فلورنس ثلاثة أشهر طوال معلقاً لا يبت فيه، وكان يدرك أن إخفاقه في مهمته سيؤدي في أكبر الظن إلى قتله وإلى القضاء على استقلال فلرونس. وكان في هذه الأثناء قد كسب صداقة الكثيرين بكرمه وسخائه، ودماثة أخلاقه، وبشاشته، وكان ممن كسب صداقتهم الكونت كارفا Count caraffa وزير الدولة، فأخذ هذا يدافع عن قضيته. وقدر فرانتي أعظم التقدير ثقافة أسيره، ونبل خصاله، فها هو ذا كما يلوح رجل مهذب كريم، فإذا عقد الصلح مع رجل على شاكلته فإن ذلك سيضمن لنابلي صداقة فلورنس طوال حياة لورندسو على أقل تقدير. ولهذا وقع معه معاهدة، وأهداه جواداً كريماً، وسمح له بأن يركب البحر من نابلي. ولما علمت فلورنس أن لورندسو جاء بالصلح رحبت به ترحيباً فخماً اعترافاً منها بجميله. واستشاط سكتس غضباً، وأراد أن يواصل الحرب بمفرده، ولكن محمدا الثاني فاتح القسطنطينية أنزل جيشاً له في أترانتو Otranto (١٤٨٠) ، وهدد باجتياح إيطاليا، والاستيلاء على حصن المسيحية اللاتينية نفسه. فما كان من سكتس إلا أن دعا أهل فلورنس للمفاوضة في شروط الصلح. وقدمت وفودهم إلى البابا ما يجب له من فروض الطاعة، وأخذ هو يؤنبهم أشد التأنيب، ثم عفا عنهم. وأقنعهم بأن يجهزوا خمس عشرة سفينة لمحاربة الأتراك، وعقد الصلح معهم، واصبح لورندسو من ذلك الحين سيد تسكانيا لا ينازعه في ذلك منازع.