للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان، مثله مثل الكثيرين من معاصريه، لا يدع عقيدته الدينية تحول بينه وبين الاستمتاع بالحياة. فكان يكتب ترانيم دينية بإخلاص ظاهر، ولكنه كان ينتقل منها دون تأنيب من ضمير إلى القصائد التي تتغنى بالحب الشهواني. ويبدو أنه لم يعرف الندم قط إلا على ما فاته من الملاذ، ولما أن قبل مكرها ولأسباب سياسية زوجة كان يجلها أكثر مما يحبها، أخذ يستمتع بالزنا كعادة أهل زمانه، ولكنه لم يكن له أبناء غير شرعيين، وكانوا يرون في ذلك ميزة له على غيره من أمثاله. ولا يزال الجدال حامياً حول خلقه التجاري. لكن أحداً لم يشك قط في سخائه، والحق أنه كان متلافا للمال مثل كوزيمو، لا يستريح له بال حتى يجزي على كل عطية بعطية أكبر منها، وقد أمد بالمال أكثر من عشر منشآت دينية، وأعان عدداً لا يحصى من الفنانين، والعلماء، والشعراء، وأقرض الدولة أموالا طائلة. وكان من نتيجة ذلك أنه وجد بعد مؤامرة باتسي أن ما أنفقه من الأموال على الشئون العامة والخاصة قد تركه غير قادر على أن يوفي بالتزاماته، فما كان من المجلس، الحريص على استرضائه، إلا أن يقرر الوفاء بديونه من مال الدولة (١٤٨٠). وليس من الواضح كل الوضوح أكان هذا العمل جزاء عادلا على خدماته التي أداها لبلاده، وأمواله الخاصة التي أنفقها في الأغراض العامة (٥)، أم كان اختلاساً سافراً للأموال العامة (٦ (. فإذا عرفنا أن هذا العمل لم يقلل من حب الشعب للورندسو مع أنه كان معروفاً له غير خاف عليه، فإن هذا في حد ذاته يوحي بأن التفسير الهين الرقيق أدنى التفسيرين إلى الصواب. ولقد كان جوده، وثراءه، وترفه في منزله كل ما كان يفكر فيه الناس حين لقبوه بالأفخم II magnifico.

وكان من أثر نشاطه الثقافي المتعدد النواحي أن اضطره إلى إهمال مؤسساته المالية المترامية الأطراف بعض الإهمال. وقد استغل عماله انشغاله بهذه الشئون فاندفعوا في الإسراف والتدليس. ولكنه أنقذ ثروة أسرته بأن