ذلك فليب الخامس فحرم تحديد عدد أفراد الأسر في مقدونية، وزاد بذلك عدد الرجال بنسبة خمسين في المائة مما كانوا عليه قبل هذا الأمر (٣١)؛ وفي وسعنا أن نستدل من هذا على مبلغ ما وصلت إليه عادة تحديد النسل حتى في مقدونية التي كانت لا تزال نصف بدائية، وفي هذا المعنى يقول بولبيوس في عام ١٥٠ ق. م:
لقد سرت في جميع بلاد اليونان موجة من نقص المواليد ومن قلة السكان تبعاً لهذا النقص، نشأ عنها أن أقفرت المدن من السكان وأجدبت الأرض فلم تعد تخرج ثمرها … ذلك أن الناس قد انغمسوا في الترف والبخل والكسل، فلم يعودوا يرغبون في الزواج، أو في تربية الأبناء إذا تزوجوا، وأقصى ما كانوا يسمحون به أن يكون لهم من الأبناء ولد أو ولدان حتى يظلوا يستمتعون برخاء العيش، وحتى يربوا هؤلاء الأبناء ليتلفوا ما يتركون لهم من المال. واستشرى هذا الفساد بسرعة وإن تكن غير ملحوظة، وكان يحدث أحياناً أن يهلك أحد الولدين في الحرب وأن يقضي الموت على الولد الثاني، فيكون مصير البيت الخراب … وهكذا نضب معين المدن وحل بها الوهن شيئاً فشيئاً (٣٢).