الفلاسفة، كأبيقور مثلاً، في قبول النساء في مدارسهم. وبدأ الأدب يعنى بوصف جمال المرأة الجسماني بعد أن كان من قبل يُعنى بقيمتها وفتنتها من ناحية الأمومة، ونشأت العبادة الأدبية للجمال النسوي في ذلك العهد إلى جانب أشعار الحب الروائي وقصصه. وقد صحب هذا التحرير الجزئي للمرأة ثورة على قصر وظيفتها على الأمومة، وأضحى تحديد النسل من أهم الظواهر البارزة في ذلك العصر، فلم يكن يُعاقَب على الإجهاض مثلاً إلا إذا لجأت إليه المرأة على غير إرادة زوجها، أو بتحريض من أغواها؛ وكان الطفل في كثير من الأحيان يعرض للجو القاسي. ولم يكن عدد الأسر التي تربي أكثر من بنت واحدة في المدن اليونانية القديمة يزيد على واحد في المائة من مجموع أسرها؛ وفي ذلك يقول بوسيدبوس Posidippus، " وحتى الرجل الغني نفسه، كان يعرض ابنته للجو القاسي على الدوام. وكان يندر وجود أخوات للأبناء، وكثر عدد الأسر التي لم يكن لها أبناء قط أو كان لكل منها ولد واحد. وفي وسعنا أن نتتبع من النقوش الباقية إلى هذه الأيام خصوبة تسع وسبعين أسرة من سكان ميليطس في عام ٢٠٠ ق. م: لقد كان لاثنتين وثلاثين من هذه الأسر طفل واحد، ولإحدى وثلاثين منها طفلان؛ وكان مجموع أبناء هذه الأسر جميعها مائة وثمانية عشر ولداً وثمانياً وعشرين بنتاً (٣٠). وفي إريتريا Eretria لم يكن عدد الأسر التي لها ولدان يزيد على أسرة واحدة في كل اثنتي عشرة أسرة، وقلما كان لأسرة واحدة ابنتان. وكان الفلاسفة يتجاوزون عن قتل الأطفال بحجة أنه يخفف من ضغط السكان على موارد الرزق؛ فلما أن لجأت الطبقات الدنيا إلى هذه العادة وأسرفت فيها تساوت نسبة الوفيات مع نسبة المواليد. ولم يعد في مقدور الدين أن يتغلب على مقتضيات الراحة ونفقات الأبناء، مع أن الدين نفسه كان في الأيام الخالية يُخيف الناس ويحذرهم من قلة النسل حتى تجد أرواحهم من يُعنى بها بعد موتهم. وحل المهاجرون في المستعمرات محل الأسر القديمة، فلما أن نقص عدد المهاجرين في أتكا والبلوبونيز إلى أدنى حد قل عدد السكان كثيراً. ورأى