الصليبية يواجه أحدهما الآخر في جنوبي روسيا، قررت السويد أن الفرصة واتتها أخيراً لاسترداد ما فقدت من أقاليم. فجدد جوستاف الثالث حلفاً قديماً مع الترك بعد أن شجعته إنجلترة وبروسيا (٨٠)، وطالب كاترين برد فنلنده وكاريليا للسويد، ةالقرم لتركيا. وقد نفصل الحديث عن هذه الحرب في موضع لاحق، أما الآن فحسبنا أن نقول أن أسطولاً سويدياً أنزل بالروس في البلطيق هزيمة فاصلة في ٩ يوليو ١٧٩٩، وكان قصف المدفعية السويدية يسمع من القصر الشتوي؛ وفكرت كاترين في إخلاء عاصمتها. على أن مفوضيها ما لبثوا أن أقنعوا السويد بأن تبرم الصلح (١٥ أغسطس ١٧٩٠).
وغدت كاترين الآن حرة في تركيز قوات ضد الترك، وانضمت النمسا إلى روسيا في الحرب. وأنهى بوتمكين حصار أوشاكوف بأن أمر رجاله بالهجوم مهما كان الثمن. وكلف النصر الروس ثمانية آلاف قتيل، وختمت المعركة الضارية بمذبحة أتت على الضحايا دون تمييز (١٧ ديسمبر ١٧٨٨) وتقدم بوتمكين ليستولي على بندر، واستولى النمساويون على بلغراد، ودحر سوفروف الأتراك في رمنيك (٢٢ سبتمبر ١٧٨٩). وبدا أن تركيا مقضي عليها بالفناء.
على أن الدول الغربية أحست أن الموقف يدعو إلى العمل الموحد ضد كاترين إن أريد ألا يقع البوسفور-ذلك المعقل الاستراتيجي-في يدها فتصبح روسيا السيد المتسلط على أوربا. وبعد موت فردريك الأكبر (١٧٨٩) رأى خليفته فردريك وليم الثاني في فزع تحرك روسيا صوب الآستانة، وتحرك النمسا في البلقان؛ وبين روسيا والنمسا وهما بهذه القوة الجديدة ستبيت بروسيا تحت رحمتهما. وعليه ففي ٣١ يناير ١٧٩٠ ربط حكومته مع الباب العالي في ميثاق ألزمه بأن يعلن الحرب على روسيا والنمسا جميعاً في الربيع، وبألا يضع السلاح إلا إذا ردت لتركيا كل إقليمها التي خسرتها.
وبدا أن المد السياسي يتحول ضد كاترين. فقد أضعف قوة يوزف الثاني نشوب الثورة في الأراضي الواطئة النمساوية وانتشار الفوضى في المجر؛ ثم مات في ٢٠ فبراير ١٧٩٠، وأبرم خلفه هدنة مع الأتراك. وحثت