الرومانية قد أدت إلى الرومان فوائد على ما اقترضته منهم ضعفي ما أدته إلى الملتزمين والى الخزانة الرومانية (١١). وفي عام ٧٠ ق. م بلغ ما أدته وما لم تؤده مدن آسيا الصغرى من فوائد على الأموال التي اقترضتها للوفاء بمطالب صلا في عام ٨٤ ستة أضعاف هذه القروض. ولم تجد العشائر والجماعات وسيلة لأداء أرباح هذه الدين الفادح إلا أن تبيع أبنيتها العامة وتماثيلها، وأن يبيع الآباء أطفالهم في أسواق الرقيق، وذلك لأن المدين الذي يعجز عن أداء دينه كان يعذب على العذراء، فإذا ما بقي في الولاية شيء من موارد الثروة بعد هذا كله هرعت إليها من إيطاليا وسوريا وبلاد اليونان جماعات من المقاولين، تعاقد معهم مجلس الشيوخ على "تنمية" ثروة الولاية المعدنية والخشبية وغيرهما. وكانت التجارة تسير على الدوام في ركاب العلم الروماني، فمن التجار من كانوا يشترون الأرقاء، ومنهم من كانوا يشترون السلع أو يبيعونها، ومنهم من كانوا يشترون الأرض وينشئون في الأقاليم ضياعاً أوسع رقعة من ضياع إيطاليا. وفي ذلك الوقت يقول شيشرون في عام ٦٩ ق. م مبالغاً في قوله كعادته:"لا يستطيع رجل من الغاليين أن يقوم بعمل تجاري إلا عن طريق مواطن روماني؛ ولا ينتقل درهم واحد من يد إلى يد دون أن يمر بسجل أحد الرومان".
وقصارى القول أن التاريخ القديم لم يشهد في جميع أدواره حكومة تضارع حكومة ذلك العهد في ثرائها وسطوتها وفسادها.