للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دمارك وسلبك ونهبك؟ إن اسبانيا وإيطاليا والنمسا وألمانيا وروسيا تطالبك بأبنائها الذين نحرتهم وبقصورها ومعابدها وخيامها التي أضرمت فيها النار، إن العالم كله يُعلن أنك أكبر مجرم على ظهر البسيطة … إنك أنت الذي أردت في عصرك الحضارة والتنوير أن تحكم بسيف أتيلا Attila وحكمة نيرون. فلتسلِّم الآن صولجانك الحديدي ولتنزل الآن من فوق ركام الخراب الذي جعلته عرشاً لك! إننا نطردك كما طردت حكومة الإدارة. اذهب - إن استطعت - فعقابك الوحيد هو أن ترى الفرحة لسقوطك تعم فرنسا، وأن تتأمل وأنت تذرف دموع الغيظ - مدى سعادة الناس".

"والآن من الذي سيحل محله؟ إنه ملك أتى من أسرة نبيلة، نبيل مقدّس بالمولد، نبيل في شخصيته - إنه لويس الثامن عشر، ملك معروف بتنوّره وتحرره من الأحكام المُسَبَّقة (الظلم) وعدم اعترافه بالانتقام أي أنه متسامح إنه ملك أتى يحمل في يده عهداً بالعفو عن كل أعدائه. يا له من أمر رائع أن نرتاح أخيراً بعد كثير من الفوضى والإزعاج وسوء الطالع في ظل السلطة الأبوية لملك شرعي .. أيها الفرنسيون .. أيها الأصدقاء .. أيها الشركاء في المعاناة، دعونا ننسى معاركنا وكراهيتنا وأخطاءنا لننقذ أرض الآباء. دعونا نتعانق فوق أطلال بلدنا العزيز .. وليساعدنا على ذلك وريث هنري الرابع Henry IV ولويس الرابع عشر .. عاش الملك".

وليس غريباً أن يقول لويس الثامن عشر بعد ذلك أن هذه الصفحات الخمسين كانت تساوي عنده ١٠٠،٠٠٠ جندي.

دعونا الآن نترك شاتوبريان للحظة. لقد كان قد انتهى دوره مع أنه بقي له من العمر ٣٤ سنة كان عليه أن يعيشها بعد ذلك. وان عليه أن يلعب دوراً فعالاً في سياسات ما بعد عودة الملكية، وكان أمامه وقت لجمع مزيد من الخليلات وانتهى أخيراً بين ذراعي مدام ريكامييه التي ودّعت الجمال واشتغلت بأعمال الخير وراح يقضي وقتاً يتزايد شيئاً فشيئاً في كتابة مذكراته. والآن فإن عدوّه نابليون سجين في جزيرة بعيدة وهي نفسها - أي الجزيرة - سجينة مياه المحيط، لذا فقد كتب عنه كتابات أكثر اعتدالاً ساعد على اعتدالها مرور الوقت وما حققه (أي شاتوبريان) من انتصار. لقد كتب عنه ٤٥٦ صفحة. وعاش شاتوبريان حتى سنة ١٨٤٨ وشهد ثلاث ثورات فرنسية.