ولكن من ذا الذي لا يتيه عجباً بأن أمه هي ليدي ماري ددلي ابنة دوق نورثمبرلند الذي حكم لإنجلترا أيام إدوارد السادس، وان أباه هو سير هنري سدني رئيس ويلز، ونائب الملك في إيرلندا ثلاث مرات، وأنه أخذ اسمه المسيحي عن فيليب الثاني ملك أسبانيا بوصفه أباً له في التعميد. وقضى بعضاً من عمر الزهر الذي عاشه في قصر بنزهيرست الرحيب الذي سقوفه المصنوعة من خشب البلوط، والرسوم على جدرانه، وثرياته البلورية من أجمل مخلفات ذلك العصر. وعين وهو في سن التاسعة رئيساً علمانياً لاقطاعة كنسية تدر عليه ستين جنيهاً في السنة. والتحق في سن العاشرة بمدرسة شروزبري التي لم تبعد كثيراً عن حصن لدلو Ludlow مقر والده بوصفه رئيساً لويلز. وكتب سير هنري لولده وهو في الحادية عشرة من عمره كلمات حب واعتزاز تشع منها الحكمة (١٨).
ووعى فيليب هذه الدروس جيداً. وأصبح أثيراً لدى خاله ليستر، وصديق والده وليم سيسل. وبعد سنوات ثلاث قضاها في أكسفورد أرسل إلى باريس في منصب ثانوي في بعثة إنجليزية. واستقبل في بلاط شارل التاسع وشهد مذبحة سانت برثلميو. وجال على مهل في فرنسا والأراضي الوطيئة وألمانيا وبوهيميا وبولندة والمجر والنمسا وإيطاليا. وفي فرنكفورت نشأت بينه وبين هيوبرت لانجيه صداقة العمر، وهو أحد قادة الفكر لدى الهيجونوت. وفي فينسيا رسم له باولو فيرونز صورته، وفي بادوا رضع تقاليد قصائد بترارك من نوع السونيت. فلما عاد إلى إنجلترا رحب به البلاط، وظل لمدة عامين تقريباً في معية الملكة، ولكنه خسر عطفها لبعض الوقت. لمعارضته مشروع زواجها من دوق ألنسون. وكان يتحلى بكل صفات الفروسية- الاعتداد بقدرته على الاحتمال، المهارة والبسالة في المبارزة، آداب اللياقة والسلوك في البلاط، الشرف في كل المعاملات والفصاحة في الحب ودرس كتب كستليوني "رجل البلاط" وحاول أن يضبط سلوكه على المثل الأعلى للرجل المهذب الذي وضعه الفيلسوف الأديب، وحاول آخرون أن يحاكوا سدني. وأطلق عليه سبنسر اسم "ملك النبل والفروسية".
وكان من مميزات هذا العصر أن الأرستقراطية التي كانت يوماً تحتقر معرفة