ويقلدهن في ذلك بعض الرجال (٢٣). وكانوا جميعاً رجالاً ونساءً في القرن السادس قبل الميلاد يطيلون شعرهم ويجدلونه غدائر حول الرأس أو خلفها، فلما كان القرن الخامس أخذت النساء يصففن شعرهن ويعقصنه وراء رقابهن، أو يتركنه ينوس على أكتافهن، أو يطوينه حول الأعناق وفوق الصدور. وكان النساء يحببن ربط شعرهن بأشرطة رمادية اللون تزدان بجوهرة فوق الجبهة (٢٤). ثم أخذ الرجال بعد مرثون يقصون شعرهم، كما أخذوا بعد الإسكندر يحلقون شواربهم ولحاهم بأمواس من الحديد على شكل المنجل. ولم يكن اليوناني يطيل شاربه من غير أن يطيل لحيته، وكان يعنى بتسوية لحيته حتى تنتهي عادة بطرف رفيع. ولم يكن عمل الحلاق مقصوراً على قص الشعر أو حلق اللحية أو تسويتها، بل كان يعنى إلى ذلك بتدريم الأظافر وتجميل من يتقدم إليه في أعين الناس، وكان إذا فرغ من عمله قدم إليه مرآة كما يفعل الحلاقون في هذه الأيام (٢٥). وكان للحلاق حانوته، وكان هذا الحانوت "مجمعاً لغير المخمورين"(كما يسميهم ثيوفراسطس) يتناقلون فيه أخبار الناس ومعايبهم، ولكنه كان في كثير من الأحيان يقوم بعمله خارج حانوته في العراء. وكان الحلاق ثرثاراً بحكم مهنته، ويروى أن حلاقاً سأل الملك أركلوس كيف يجب أن يقص شعره فأجابه الملك "في صمت"(٢٦). وكانت النساء أيضاً يحلقن الشعر من بعض أجزاء جسمهن، ويستخدمن في هذا أمواساً أو أدهان مصنوعة من الزرنيخ والجير.
وكانت العطور - المصنوعة من الأزهار مخلوطة بالزيت - تعد بالمئات، ويشكو سقراط استعمال الرجال لهذه العقاقير (٢٧). وكان لكل سيدة راقية عدة كبيرة من المرايا، والدبابيس العادية والإنجليزية، ودبابيس الشعر، والملاقط، والأمشاط، وقنينات العطور، وأواني الأصباغ الحمراء،