للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والأدهان. وكن يصبغن خدودهن، وشفاههن بعصي من السلقون وجذور الشنجار (١). أما الحواجب فكانت تصبغ بسناج المصابيح أو بمسحوق الإثمد، وتلون الجفون بالإثمد، وتسود الرموش ثم تطلى بمزيج من زلال البيض والأشق (٢). وكانت الأدهان ومحاليل الغسل تستخدم لإزالة التجاعيد والنمش والبقع من الوجه والجسم. وكانت بعض الأدهان المؤلمة تبقى على الجسم ساعات طوالاً لكي تظهر المرأة في أعين الناس جميلة إن لم تكن جميلة بطبيعتها. وكان زيت المصطكى يستخدم لمنع العرق، وكانت مراهم معطرة خاصة توضع على أجزاء مختلفة من الجسم. وكانت المرأة ذات الشأن تدهن وجهها وصدرها بزيت النخيل وحاجبيها وشعرها بالبردقوش، وعنقها، وركبتيها بخلاصة الصَّعتر؛ وذراعيها بخلاصة النعناع، وساقيها وقدميها بالمُر (٢٨). وكان الرجال يحتجون على هذه الأسلحة المغرية، ولكن احتجاجهم لم يكن له من النتائج أكثر من احتجاج أمثالهم في أي عصر من العصور. من ذلك أن إحدى الشخصيات في مسلاة أثينة تعير سيدة بتعداد ما تستخدمه من الأدهان والأصباغ الكثيرة فتقول: "إذا خرجتِ في الصيف تحدر من عينيكِ خطان أسودان، وجرى نهر أحمر من خديكِ إلى عنقكِ، وإذا مس شعرُكِ وجهَك أبيض من الرصاص الأبيض" (٢٩). إن النساء يبقين كما هن لأن الرجال لا يتغيرون.

وكانت المياه قليلة فكانت النظافة تتطلب وسائل أخرى غير المياه، فأما الأغنياء فكانوا يستحمون مرة أو مرتين في اليوم، ويستخدمون في استحمامهم صابوناً مصنوعاً من زيت الزيتون معجوناً بمادة قلوية، ثم يتعطرون.


(١) الشنجار بالكسر معرب شنكار وهو خس الحمار ويسمى الكحلاء، والحميراء، ورجل الحمامة، وهو نبات لاصق بالأرض مشوك له أصل في غلظ إصبع، أحمر كالدم يصبغ اليد إذا مُس، منبته الأرض الطيبة التربة (المحيط)، وإسمه بالإنجليزية alkanet. (المترجم)
(٢) الأشَّق كسكر ويقال وشق وأشج صمغ نبات كالقئاء شكلاًً Gum Ammoniac عن المحيط. (المترجم)