للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان البيت الراقي يشتمل على حمام مبلط، به حوض كبير من الرخام يُحمل إليه الماء عادة باليد، وكانت المياه أحياناً تُنقل في أنابيب وقنوات إلى البيت مخترقة جدران الحمام، ثم تندفع من صنبور معدني في صورة رأس حيوان، وتسقط على أرض الحمام الرشاش وتجري بعدئذ إلى الحديقة (٣٠).

وأما الكثيرون من الأهلين الذين لا تتوافر لديهم المياه للاستحمام فكانوا يدلكون أجسامهم بالزيت ثم يزيلونه بمكشط هلالي الشكل كما نرى ذلك في تمثال أبكسيمنس Apoxyomenos للمَثال ليسبس Lysippus. ولم يكن اليوناني شديد الحرص على النظافة، ولم تكن أهم وسائله للمحافظة على صحته هي العناية بها داخل المنزل، بل كان أهمها الاقتصاد في المأكل والحياة الخارجية النشطة. وكان يندر أن يجلس داخل الدور والملاهي والمعابد والأبهاء المغلقة الأبواب، وقلما كان يعمل في المصانع أو الحوانيت المقفلة. وكانت مسرحياته وعباداته، وحتى حكومته في ضوء الشمس، وكان في وسعه أن يخلع عن جسمه ملابسه البسيطة التي يصل منها الهواء إلى جميع أجزائه، ولا يكلفه خلعها أكثر من التلويح بذراعيه، للقيام بجولة مصارعة، أو التمتع بحمام شمس.

وكانت ملابس اليوناني تتكون من قطعتين مربعتين من القماش ملفوفتين في غير إحكام حول الجسم، وقلما كانتا تفصلان لتوائما لابساً بعينه. وكانتا تختلفان في بعض تفاصيلهما الصغرى في المدن المختلفة، ولكنهما ظلتا بحالهما عدة أجيال. وكان أهم رداء للرجال في أثينة هو القباء Tuuic، وأهمه للنساء هو المئزر Peplos، المصنوعين من الصوف. فإذا كان الجو يتطلب التدفئة غطيا بعباءة أو برنس معلق مثلهما من الكتفين يتدلى في غير كلفة في تلك الثنايا الطبيعية التي تسر العين حين تقع عليها في التماثيل اليونانية. وكانت الملابس في القرن الخامس بيضاء اللون في العادة، غير أن النساء، وأغنياء من الرجال، والشبان المتأنقين، كانوا يعمدون إلى تلوينها؛ ولم يكونوا يستنكفون من لبس الثياب القرمزية أو الحمراء الداكنة، أو ذات الخطوط