أرستقراطية. وفي يوليو ١٦٥٠ حاول وليم الثالث أمير أورنج، بوصفه رئيساً للدولة وقائداً عاماً أن يبسط سلطانه المطلق على جميع الأقاليم المتحدة بانقلاب. فقاومه عدة زعماء إقليميين، وأودع وليم وجنده ستة منهم في السجون، ومنهم يعقوب دي ويت عمدة دوردريشت. ولكن الجدري هزم وليم في انتصاره، فمات في ٦ نوفمر ١٦٥٠ غير متجاوز الرابعة والعشرين: وبعد أسبوع ولدت أرملته ماري ستيوارت (ابنة حفيدة آخر ملكة للأسكتلنديين) الطفل وليم أورنج الثالث، الذي قدر له أن يحقق فوق ما حلم به أبوه، أي أصبح ملكاً على إنجلترا.
أما الزراع وصيادو الأسماك الأدنى من هذه الطبقات الحاكمة المتنافسة، هؤلاء الذين كانوا يطعمون الشعب، فلن يشاركوا إلا في فضلات ثرائها التي لم يعبأ بالتهامها التجار ورجال الصناعة وملاك الأرض. وإذا صدقنا الرسامين الهولنديين تبين لنا أن الحرب والاستغلال قد طحنا الفلاحين بفقر كاد يقربهم من حياة البهائم، فقر خففت منه الأعياد وخدره الشراب. وكان الحرفيون في حوانيتهم، والعمال في مصانع أمستردام وهارلم وليدن، أعلى أجوراً من نظرائهم في إنجلترا (٦)، ولكنهم قاموا بإضراب عنيف في ١٦٧٢. وأثرى المهاجمون الهيجونوت الوافدون من فرنسا الصناعة الهولندية بمدخراتهم ومهاراتهم. فلم تأتِ سنة ١٧٠٠ حتى حلت الأقاليم المتحدة محل فرنسا بوصفها الأمة الصناعية القائدة في العالم.
أما أعظم الثروات فجادت بها التجارة مع أقطار ما وراء البحار وتطويرها. ففي ١٦٥٢ استوطن الهولنديين أول مستعمرة لهم في رأس الرجاء الصالح وأسسوا مدينة الكاب. وكانت شركة الهند الشرقية الهولندية تدفع أرباحاً لمساهميها بلغت نسبتها في الموسط ١٨% طوال ١٩٨ عاماً (٧). وكان الوطنيون في المستعمرات الهولندية يباعون أو يشتغلون عبيداً، أما المستثمرون في أرض الوطن فلم يسمعوا بهذا إلا قليلاً، وأخذوا أرباح أسهمهم بهدوء هولندي. وظلت التجارة