وعرضت المملك على ماري، في مدة سنة من ولادتها. فقد جعلها موت أبيها في بحر أسبوع من مولدها، ملكة إسكتلندة، واقترح هنري الثامن، أملاً منه في ضم إسكتلندة كمقاطعة ملحقة بإنجلترا-اقترح أن تخطب الطفلة إلى ابنه إدوارد وترسل إلى إنجلترا، وتتربى فيها، مع افتراض أن تكون بروتستانتية، لتكون ملكة مع ابنه إدوارد. ولكن بدلاً من هذا، قبلت أمها الكاثوليكية عرض هنري الثاني ملك فرنسا (١٥٤٨) أن تزوجها لأكبر أبنائه (الدوفين). وحماية لماري من اختطافها إلى إنجلترا. أسرعوا بها وهي في سن السادسة إلى فرنسا، حيث بقيت هناك ثلاثة عشر عاماً، وتلقت العلم مع أولاد الأسرة المالكة، وتأصلت فيها الروح الفرنسية تماماً، حيث كانت نصف فرنسا بحكم الدم. ولما نضجت واكتمل شبابها، تجلت كل مفاتن الأنوثة في جمال القسمات والقوام، وحدة الذهن، والكياسة المرحة في السلوك والحديث، وغنت غناء عذباً، وعزفت على العود عزفاً جيداً، وتحدثت باللاتينية، وكتبت شعراً تكلف الشعراء إطاره، وخفقت قلوب الحاشية "لرؤية وجهها النقي الناصع البياض كالثلج"(برانتوم (١)) "وشعرها المقصوص المضفر"(رونسار (٢))، ورشاقة يديها النحيلتين، وصدرها الممتلئ. وحتى أن لوبيتال الوقور الرزين ذهب إلى أن مثل هذا الجمال لا يمكن إلا أن يكون لأحد الآلهة. (٣) وأصبحت أكثر الشخصيات جاذبية وأعظمها كياسة في أكثر بلاط أوربا تهذيباً وصقلاً. ولما بلغت السادسة عشرة تزوجت ولي عهد فرنسا (الدوفين) في ٢٤ أبريل ١٥٥٨. وما أن بلغت السابع عشرة، حتى أصبحت، بارتقائه العرش، ملكة على فرنسا. ويبدو أن كل آمال حلم خيالي قد أصبحت حقيقة.
ولكن في ٥ ديسمبر ١٥٦٠ مات فرانسوا الثاني (زوجها) بعد حكم دام سنتين. وفكرت ماري التي باتت أرملة وهي في سن الثامنة عشرة، في أن تأوي إلى ضيعة في تورين، لأنها أحبت فرنسا. ولكن إسكتلندة في تلك الأثناء تحولت إلى البروتستانتية، وكانت على شفا ضياعها من فرنسا بوصفها حليفة. ورأت الحكومة الفرنسية أن من واجب ماري أن تذهب إلى أدنبرة، وتقود وطنها الأصلي إلى التحالف مع فرنسا، وإلى العقيدة الكاثوليكية من جديد. وارتضت ماري كارهة أن تترك