الإمبراطوريّة، انهارت الحواجز التي كانت تفصل بينهم وبين الرومان، واستقبل الجنود الألمان في الجيش الروماني بالترحاب، وارتقوا إلى مناصب القيادة. وما لبثت الأسر الألمانيّة أن تضاعف عددها في إيطاليا بينما كانت الأسر الإيطاليّة آخذة في الانقراض. وهكذا انعكست الآية في هذه الحركة، فأخذ البرابرة "يبربرون" روما بعد أن كانت روما تصبغهم بصبغتها. لكن عجز روما عن ضم الشمال لحظيرة التراث الروماني واليوناني القديم لم يقلل من عظمة ضمها الغرب لهذا التراث أو من خطر شأنه. ففي هذا الغرب على الأقل برزت فنون السلم من بين عجاج الحرب، وكان في وسع الناس أن يستبدلوا بسيوفهم محاريث من غير أن تنحل قواهم في نعيم المُدن وأحيائها القذرة. ونبتت فيما بعد حضارة جديدة في أرض أسبانيا وغالة القوية حين ضعف تيار البرابرة، وأثمرت بذور قبور الطغيان ثمارها، وعفا الدهر عن آثامها في البلاد التي جاءت إليها الجحافل الغاشمة بقوانين روما ونقلت إليها شعلة الحضارة اليونانية.