وعندما أقبل الفجر رأوا جماعة من الوطنيين العراة على الشاطئ وكلهم معتدلو القامة. واستقل القباطنة الثلاثة قاربا بصحبة رجال مسلحين جدفوا بهم نحو الشاطئ وركبوا وقبلوا الأرض وحمدوا الله وأطلق كولمبس على الجزيرة اسم سان سلفادور المخلص المقدس- واستولى عليها باسم فرديناند وإيزابلا والمسيح. واستقبل المتوحشون مستعبديهم في المستقبل بدماثة المتحضرين. وكتب أمير البحر:"ما دمت قد عرفت انهم قوم يمكن تحريرهم وهدايتهم إلى أبينا المقدس عن طريق الحب لا القهر فلكي نكسب صداقتهم أعطيت لبعضهم قلانس حمراء وللبعض الآخر خرزاً وأشياء أخرى كثيرة تافهة القيمة سرتهم كثيراً. ولقد ظلوا أصدقاء أوفياء لنا وهذه أعجوبة. واقبلوا فيما بعد سابحين إلى قوارب السفينة واحضروا معهم ببغاوات وخيوطاً من القطن … وأشياء أخرى كثيرة فأعطيناهم في مقابلها خرزات صغيرة … وأخيراً تبادلوا معنا كل ما يملكون وهم راضون كل الرضى".
ولعل خبر "المتوحش المسالم السلس" الذي فتن روسو وشاتوبريان وهويتمان قد بدأ عندئذ وفي ذلك المكان ولكن كان من بين الأمور التي عرفها كولمبس عن الجزيرة أن هؤلاء الوطنيين كانوا عرضة لغارات تقوم بها جماعات أخرى من الوطنيين لاسترقاقهم وأنهم أنفسهم أو أسلافهم تغلبوا على أهالي البلد الأصليين. وبعد رسوهم بيومين كتب في يومياته ملاحظة مشئومة:"إن هؤلاء الناس غير حاذقين في استخدام الأسلحة ويمكن إخضاعهم بخمسين رجلا وحملهم على القيام بكل ما يريده المرء". ولكن لم يكن في سان سلفادور للأسف أي ذهب. وفي الرابع من أكتوبر أقلع الأسطول الصغير بحثاً عن سيبانجو-اليابان- والذهب. وفي الثامن والعشرين من أكتوبر رسوا على كوبا وهناك أحسن الأهالي بدورهم التصرف وحاولوا أن ينضموا لضيوفهم في إنشاد (ايف ماريا) وبذلوا جهدهم في رسم علامة