رداً مقنعاً. وأعجب من هذا الرفض تلك السرعة النسبية التي قبل بها النظرية الجديدة فلكيون كريتيكوس، وأوزياندر، وجون فيلد، وتومس ديجيز، وإرزمس رينهولد-الذي بنى "جداوله البروتنية"(١٥٥١) للحركات السماوية على نظرية كوبرنيق إلى حد كبير. ولم تبد الكنيسة الكاثوليكية اعتراضاً على النظرية الجديدة ما دامت تعرض ذاتها على أنها فرض، ولكن محكمة التفتيش لم تعرف رحمة في العقاب حين اعتبر جوردانو برونو الفرض حقيقة مؤكدة، وبينت في وضوح نتائجها على الدين. وفي ١٦١٦ حرمت "لجنة الفهرس" قراءة كتاب "الدورات" إلى أن يصحح، وفي ١٦٢٠ أذن للكاثوليك أن يقرءوا طبعات حذفت منها تسع عبارات تمثل النظرية على أنها حقيقة. ثم اختفى الكتاب من فهرس ١٧٥٨ المراجع، ولكن الحظر لم يلغ صراحة إلا في ١٨٢٨.
كانت نظرية مركزية الأرض تلائم بصورة معقولة لاهوتاً يفرض أن كل الأشياء خلقت لمنفعة البشر. أما الآن فقد شعر هؤلاء البشر أنهم يترنحون فوق كوكب صغير اختزل تاريخه إلى "مجرد فقرة محلية في أخبار الكون". (٤٨) فماذا يمكن أن تعنيه كلمة "السماء" إذا كانت كلمتا "فوق" و "تحت" قد فقدتا كل معنى لهما، وإذا كانت إحداهما تنقلب فتصبح الأخرى في نصف يوم؟ كتب جيمس وولف إلى تيكو براهي في ١٥٧٥ يقول:"ما من هجوم على المسيحية أشد خطراً من القول بضخامة السماوات وعمقها اللانهائيين"-مع أن كوبرنيق لم يقل بلا نهائية الكون. فلا بد أن الناس حين توقفوا للتأمل في المعاني التي تتضمنها النظرية الجديدة راحوا يتساءلون عن صواب القول بأن خالق هذا الكون الهائل المنظم قد أرسل ابنه ليموت على هذا الكوكب المتوسط الحجم. وبدا أن كل شعر المسيحية الجميل،