وتجاسر رجل آخر من القلة المرموقة المنعمة على أن يحلم بنظام أرحم وأكرم. ذلك أن ريننيه لويس دي فواييه، مركيز أرجنسون الذي تولى منصب وزير الخارجية لمدة ثلاث سنوات (١٧٤٤ - ١٧٤٧)، كتب في ١٧٣٩ "تأملات في حكومة فرنسا"، ولم يجرؤ على نشره إلا في ١٧٦٥. وجاء فيه أن هؤلاء الذين يفلحون الأرض هم أعظم قطاع من السكان قيمة، وينبغي أن يتحرروا من كل الرسوم والالتزامات الإقطاعية، والحق أنه يجدر بالحكومة، أن تقرض صغار الفلاحين أموالاً لتساعدهم على الإنفاق على زراعاتهم (١٠٧). والتجارة حيوية لازدهار الأمة ويجب تحريرها من المكوس والرسوم الداخلية، بل من رسوم التصدير والاستيراد كلما أمكن ذلك. والنبلاء هم أقل العناصر قيمة في الدولة، أثبتوا عجزهم في الإدارة، وهم عالة على المجتمع". وإذا قال أحد بأن هذه المبادئ تتفق مع الديموقراطية، وتميل إلى القضاء على طبقة النبلاء فلن يكون مخطئاً". وإنه ليجدر بالتشريع أن يهدف إلى أكبر قدر ممكن من المساواة. وينبغي أن يحكم الكوميونات موظفون ينتخبون محلياً، على ان تبقى السلطة المطلقة الرئيسية في يد الملك، لأن الملكية المطلقة وحدها هي القادرة على حماية الناس من ظلم (١٠٨). واستبق دي آرجنسون الفلاسفة في التطلع إلى الإصلاح على يد ملك مستنير، وقص على النبلاء ما لم يعترفوا به إلا في ٤ أغسطس ١٧٨٩ حين تنازلوا عن امتيازاتهم الإقطاعية، ومن ثم كان مرحلة في طريق فرنسا إلى روسو وإلى الثورة.
وفي ١٧٤٧ استسلم لويس لتحريض نواي ومورياس وبمبادور وعزل دي آرجنسون. وفقد المركيز ثقته في الملوك. وفي ١٧٥٣ تنبأ بما حدث في عام ١٧٨٩: "إن المساوئ والشرور الناجمة عن الحكومة الملكية الاستبدادية لتقنع كل فرنسا وكل أوربا بأنها أسوأ الحكومات .... وإن هذه الفكرة لتبرز وتنتشر وتزداد قوة، وقد تؤدي إلى ثورة وطنية … وكل شيء يمهد الطريق إلى حرب أهلية .. وأذهان الناس مهيأة للتمرد