لا يزال كبيراً إلى الحد الذي يحو لدون استخدام الآلات. ولم يكن من المنتظر أن يعمد المهملون المتراخون الذين لا مصلحة لهم في الإنتاج إلى الاختراع والابتكار، بل انهم كانوا يرفضون بعض الوسائل التي توفر المجهود العضلي خشية أن تنتشر البطالة بين الصناع، كما أن قدرة الشعب على الشراء كانت أضعف من أن تمول الإنتاج الكبير بالآلات، أو تشجع عليه. ولسنا نفكر انه كان هناك بعض الآلات البسيطة بطبيعة الحال في إيطاليا ومصر والعالم اليوناني: كالمضاغط والمضخات اللولبية، والآلات الرافعة للمياه، ومطاحن الحبوب التي تجرها الحيوانات، وعجلات الغزل، والأنوال، والروافع، وعجلة الفخراني الدوارة … ولكن الحياة الإيطالية في الوقت الذي نتحدث عنه (٦٩ م) لم يكن فيها من الحركة الصناعية إلا بقدر ما كان في حياة الناس إلى ما قبل القرن التاسع عشر. ولم يكن مستطاعاً أن تزيد هذه الحياة على هذا القدر مادامت قائمة على الرقيق وعلى تركيز الثروة أشد التركيز. يضاف إلى هذا أن القانون الروماني لم يكن يشجع المنشآت الكبيرة لأنه كان يتطلب من كل شريك في أي مشروع صناعي أن يكون شريكاً مسئولاً من الوجهة القانونية، وكان يحرم قيام الشركات ذات "المسئولية المحدودة"، ولا يسمح بقيام الهيئات المساهمة الا لأداء الأعمال الحكومية. ولما كانت هذه القيود وأمثالها تحد من نشاط المصارف، فإنها قلما كانت تقدم رؤوس الأموال اللازمة لمشروعات الإنتاج الكبير، ولم يكن في وسع التطور الصناعي في رومة أو إيطاليا أن يبلغ في وقت من الأوقات ما بلغه في الإسكندرية أو في بلاد الشرق ذات الحضارة اليونانية.