للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعض الجماعات كان المسافرون اليهود إذا قدموا على بلد آواهم موظفون من الجماعات اليهودية في بيوت الأفراد اليهود. وزاد عدد الجمعيات الخيرية اليهودية زيادة كبيرة كلما تقدمت العصور الوسطى، فلم تكن هناك فقط كثير من المستشفيات، وملاجئ للأيتام وبيوت للفقراء والطاعنين في السن، بل كانت هناك أيضاً منظمات تؤدي أموال الفداء للمسجونين، وبائنات للعرائس الفقيرات، وأجور الأطباء للمرضى، وتعني بالأرامل المعدمات، وتدفن الموتى من غير أجر (٧٧). وكان المسيحيون يشكون من شره اليهود ويحاولون أن يثيروا حماسة المسيحيين للصدقة بأن يضربوا لهم أمثلة من اليهود (٧٨).

وكانت الفروق بين الطبقات عند اليهود تظهر في ثيابهم، وطعامهم، حديثهم وفي مائة أخرى من أساليب حياتهم. فكان اليهودي البسيط يلبس قفطاناً طويل الكمين فوقه حزام، وكان أسود اللون في العادة، كأنه رمز للحزن على هيكله المهدم وعلى بلاده، لكن أثرياء اليهود في أسبانيا كانوا يظهرون ثرائهم بلبس الثياب الحريرية، وطالما حذرهم الفقراء دون جدوى من أثر هذا التظاهر في إثارة البغضاء والأحقاد. ولما أن حرم ملك قشتالة هذا التجمل في الملبس أطاع الرجال اليهود أمره ولكنهم ظلوا يلبسون أزواجهم أفخر الثياب؛ ولما أن سألهم الملك في ذلك أكدوا له أن الشهامة الملكية لم تكن تقصد قط أن يطبق هذا القيد على النساء (٧٩)، وظل اليهود طوال العصور الوسطى يجملون نساءهم بفاخر الثياب ولكنهم حرموا عليهن أن يظهرن أمام الجماهير عاريات الرأس، وأنذروهن بأن مخالفة هذا الأمر تصبح سبباً للطلاق، وأمر اليهودي أن لا يصلي في حضرة امرأة يرى الناس شعرها (٨٠).

وكانت نواحي التلمود المنصلة بالقوانين الصحية مما خفف من آثار الازدحام في أحياء المدن؛ فعملية الختان، والاستحمام كل أسبوع، وتحريم الخمر وأكل اللحم الفاسد، كلها وسائل وقت اليهود شراً الأمراض المنتشرة في البيئات المسيحية