المجاورة لهم أكثر من غيرهم من السكان (٨١). مثال ذلك أن الجذام كان منتشراً بين فقراء المسيحيين الذين يأكلون اللحم أو السمك المملح، ولكنه كان نادر الحدوث بين اليهود؛ ولعل هذه الأسباب نفسها هي التي جعلت إصابة اليهود بالكوليرا وما شابهها من الأوبئة أقل من إصابة المسيحيين (٨٢). لكن اليهود والمسيحيين على السواء كانوا يعانون الأمرين من الملاريا في أحياء روما القذرة الموبوءة بالبعوض من منافع كمبانيا Campagna.
وكانت حياة اليهودي تنعكس عليها من الناحية الأخلاقية تراثه الشرقي والقيود التي يفرضها عليه الأوربيون؛ ففي كل مناحي الحياة حقوق له مهضومة، وأمواله معرضة للنهب وحياته للخطر والإذلال، يتهم بجرائم ليست له يد فيها، ولهذا كله لجأ كما يلجأ الضعيف الجسم في كل مكان إلى الدهاء يتقي به الأذى. نعم إن أحبار اليهود كانوا ينادون في كل حين أن خداع "غير اليهودي شر من خداع اليهودي نفسه (٨٣) "؛ ولكن بعض اليهود كانوا يخالفون هذه النصيحة (٨٤)؛ ولعل المسيحيين أيضاً كانوا يخادعون بكل ما يعرفونه من خداع. فرجال المصارف اليهود منهم والمسيحيون لم يكونوا يرحمون مدينيهم بل كانوا يتقاضون منهم كل ما عليهم من ديون، وإن كنا لا ننكر أنه كان في العصور الوسطى، كما كان في القرن الثامن عشر، دائنون لا يقلوا أمانةً وإخلاصاً عن مإير أنسلم من آل روتشليد. وكان بعض اليهود والمسيحيين ينحتون النقود، أو يقبلون البضائع المسروقة (٨٥). ولكن كثرة استخدام اليهود في المناصب المالية الكبرى توحي بأن من يستخدمونهم من المسيحيين كانوا يثقون بأمانتهم واستقامتهم، وقلّما كان اليهود يرتكبون جرائم العنف-كالقتل، والسطو، والسلب-، وكان السكر أقل انتشاراً بينهم في البلاد المسيحية في البلاد الإسلامية.
وكانت حياتهم الجنسية عفيفة إلى حد عجيب على الرغم من أخذهم بمبدأ تعدد