شئ على تكوين عادات للسلوك في الحياة بحيث تكون سليمة من المآخذ والشوائب (١١)، وفي سن الثامنة ينتقل التلميذ إلى "شيخ" يتولاه بعناية أكثر مراعاة للقواعد، و "الشيخ" هو معلم خاص أو رائد يعيش معه التلميذ، ويحسن أن يظل في صحبته تلك حتى سن العشرين؛ وكان يطلب إلى التلميذ أن يؤدي له بعض الخدمات، منها أحياناً ما كان حقيراً؛ كما يطالب بالتزام العفة والتواضع والنظافة والامتناع عن أكل اللحم في وجباته (١٢)، وقوام التعليم "الشاسْترات الخمس" أي العلوم الخمسة وهي: النحو، والفنون والصناعات، والطب، والمنطق، والفلسفة؛ وبعدئذ يطلق في الحياة مزوداً بنصح حكيم هو أن التعليم يأتي ربعه فقط من المعلم، وربعه من الدراسة الخاصة، وربعه من الزملاء، وربعه من الحياة (١٣).
وللطالب في نحو السادسة عشرة أن ينتقل من "شيخ" إلى إحدى الجامعات الكبرى التي كانت مفخرة الهند القديمة والوسيطة: بنارس وتاكسيلا وفداربها وأجانتا ويوجين ونالاندا؛ وكانت جامعة بنارس حصناً حصيناً للتعاليم البرهمية الأصيلة في أيام بوذا، كما لا تزال كذلك إلى يومنا هذا؛ وكانت جامعة تاكسيلا في عهد غزوة الإسكندر معروفة في آسيا كلها على أنها مقر الزعامة في البحث العلمي في الهند، وأشهر ما اشتهرت به مدرسة الطب فيها؛ واحتلت جامعة "يوجين" مكانة عالية في أسماع الناس بما فيها من علماء الفلك، كما اشتهرت جامعة أجانتا بتعليم الفنون؛ وإن واجهة أحد المباني المخربة في أجانتا لتدل بعض الدلالة على فخامة هذه الجامعات القديمة (١٤) وأنشئت جامعة "نالاندا" - وهي أشهر الجامعات بالمعاهد البوذية العالية - بعد موت منشئ العقيدة البوذية بزمن قصير وخصصت لها الدولة دخل مائة قرية لينفق عليها منه، وكان بها عشرة آلاف طالب، ومائة قاعة للمحاضرات، ومكتبات ضخمة، وست بناءات كبيرة للسكنى، وارتفاعها أربعة طوابق