كما أن هذا العلم الشائق الذي يبحث في ولادة الألفاظ اللغوية، مدين بكل حياته تقريباً في العصور الحديثة لإعادة كشف الغطاء عن السنسكريتية.
ولم تكن الكتابة - كما رأينا - شائعة في الهند الفيدية، فحوالي القرن الخامس قبل الميلاد، اقتبست الكتابة الخاروسثية من أصول سامية، وبدأنا نسمع عن كاتبين في أدب الملاحم وفي الأدب البوذي (٣)، وكانت أوراق النخيل ولحاء الشجر يستخدمان أداة للكتابة كما كان القلم شبيه بمسمار من الحديد؛ وكانوا يدبغون لحاء الشجر دبغاً يجعله أصلب ديباجه، ثم يحفرون عليه الأحرف بالقلم، ويلطخون اللحاء بالحبر فيبقى في فجوات الحروف المحفورة ثم تمحى بقيته (٤) ولما جاء المسلمون أدخلوا معهم الورق (حوالي ١٠٠٠ م) لكن الورق لم يحل محل اللحاء تماماً إلا في القرن السابع عشر، وكانوا ينفذون خيطاً سميكاً في صفحات اللحاء لتربطها معاً على الترتيب المطلوب، على أن تجمع الكتب المكونة من أمثال هذه الصفحات في مكتبات أطلق الهنود عليها اسم "خزائن إلهة الكلام" وقد بقيت لنا مجموعات ضخمة من هذا الأدب الخشبي على الرغم مما تعاورها من تدميرات الزمن والحروب (١).
(١) ليس هناك أثر للطباعة قبل القرن التاسع عشر - وقد يكون ذلك راجعاًً - كما هو الحال أيضاًً في الصين - إلى أن تكييف الحروف المفككة بحيث تلائم أنواع الكتابة الأهلية أكثر نفقة مما يحتمل، أو قد يكون ذلك راجعاًً إلى أنهم نظروا إلى الطباعة على أنها سليل مبتذل يخلف فن الخط، وكان الإنجليز هم الذين جاءوا إلى الهنود بالصحف والكتب المطبوعة، لكن الهنود أدخلوا تحسينات على ما تعلموه من الإنجليز في هذا الصدد، واليوم ترى في الهند ٥١٧ ر ١ جريدة، و ٦٢٧ ر ٣ مجلة، وأكثر من ٠٠٠ ر ١٧ كتاب جديد تنشر في المتوسط كل عام.