وكان كوزيمو قد درب الصبي على ممارسة الشئون العامة بعض التدريب، فلما تولى بيرو الأمر وسع دائرة تبعاته المالية والحكومية، ولما توفى بيرو، الفى لورندسو نفسه أغنى رجل في فلورنس، بل ربما كان اغنى رجل في إيطاليا كلها. ولقد كان تصريف شئون ماله وأعماله عبئاً ينوء به كاهله الغض ويتيح الفرصة لأن تعود الجمهورية فتفرض عليه سلطانها، ولكن عملاء آل ميديتشي، ومدينتهم، واصدقائهم، ومن ولوهم هم مناصبهم قد بلغوا وقتئذ درجة عظيمة من الكثرة ومن الحرص على أن يدوم سلطان الأسرة. فلم يمض على وفاة بيرو غير يومين حتى مثل بين يدي لورندسو في بيته وفد من ذوي المكانة في المدينة، وطلبوا اليه أن يتولى ريادة سفينة الدولة. ولم يجد الوفد صعوبة في إقناعه بالنزول على مطلبه، ذلك أن مصالح أسرة ميديتشي المالية متصلة بشئون المدينة اتصالاً يخشى معه ان تنهار إذا استطاع اعداء هذه الأسرة أو منافسوها أن يستحوذوا على السلطة السياسية. وأراد أن يكّم أفواه من يوجهون النقد لصغر سنه، فعين مجلساً من المواطنين المجربين يستشيروا في جميع الأمور ذات البال، وظل طول حياته يستشير هذا المجلس، ولكنه سرعان ما أظهر من الحصافة وأصالة الرأي ما جعل المجلس يسلم بزعامته فلا يعارض آرائه إلا في القليل النادر. وقد عرض على أخيه الأصغر قسطاًُ كبيراً من السلطة، ولكن جوليانوا كان يؤثر عليها الموسيقى، والشعر، والمثاقفة، والعشق، وكان شديد الإعجاب بلورندسو وسره أن يتخلى له عن مشاغل الحكم وما يضفيه عل صاحبه من الشرف. ونهج لورندسو في الحكم منهج كوزيمو وبيرو من قبله، فظل (حتى عام١٤٩٠) مواطناً عادياً، ولكنه كان يشير بالخطط السياسية على الباليا Balia التي كان لأنصار أسرته فيها أغلبية مضمونة موثوثق بها. وكان لمجلس الباليا بنص للدستور سلطة مطلقة وإن كانت مؤقتة، وقد أصبح في عهد الميديتشيين مجلساً دائماً من سبعين عضواً.