أصابته نوبة صرع التهمته في أثنائها الخنازير البرية (٨). ورويت قصص خرافية عن ثروة الشرق، وعن الغانيات السمر ينتظرن أن يأخذهن الرجال البواسل (٩).
وهذه البواعث المختلفة لا يمكن أن تجتمع من أجلها جموع متجانسة يستطاع إخضاعها لنظام عسكري. وقد بلغ من أمر هذا الخليط أن النساء والأطفال أصروا في كثير من الحالات على الانضمام إلى صفوف المجاهدين ليقوم النساء بخدمة أزواجهن، والأبناء بخدمة آبائهن، ولعلهم كانوا على حق في هذا الإصرار لأن العاهرات سرعان ما تطوعن لخدمة المحاربين. وكان إربان قد حدد لبدء الرحيل شهر أغسطس من عام ١٠٩٦، ولكن الفلاحين القلقين الذين كانوا أوائل المتطوعين لم يستطيعوا الانتظار إلى هذا الموعد، فسار جحفل منهم عدته نحو أثنى عشر ألفاً (لم يكن من بينهم إلا ثمانية من الفرسان) وبدأ رحلته من فرنسا في شهر مارس بقيادة بطرس الناسك Peter the Hermit، وولتر المفلس (Gautar Sans- Avoir) Walter the penniless، وقام جحفل آخر- ربما كانت عدته ٥٠٠ من ألمانيا بقيادة القس جتسشوك Gattschalck، وزحف ثالث من أرض الرين بقيادة الكونت إمكو الليننجيني Count Emico iningen-. وكانت هذه الجموع غير النظامية هي التي قامت بأكثر الاعتداءات على يهود ألمانيا ويوهيميا، وأبت أن تطيع نداء رجال الدين والمواطنين من أهل تلك البلاد، وانحطت حتى استحالت إلى وقت ما وحوشها كاسرة تستر تعطشها للدماء بستار من عبارات التقي والصلاح. وكان المجندون قد جاءوا معهم ببعض المال، لكنهم لم يجيئوا إلا بالقليل الذي لا يغني من الطعام، وكان قادتهم تعوزهم التجارب فلم يعدوا العدة لإطعامهم؛ وقدر كثيرون من الزاحفين المسافة بأقل من قدرها الصحيح، وكانوا وهم يسيرون على ضفاف الرين والدانوب كلما عرجوا على بلدة من البلدان يسألهم أبناؤهم في لهفة- أليست هذه أورشليم؟ ولما فرغت أموالهم، وعضهم الجوع، اضطروا إلى نهب من في طريقهم من الحقول والبيوت،