فيتشندسا، وصاحب نزل في بولونيا. واشتغل فترة من الزمان في مطبخ بعض السفن وعاملا مأجوراً في دير، لكنه طرد منه لاتهامه بالدعارة، فعاد إلى روما (١٥١٦)، حيث عمل خادماً عند أجوستينو تشيجي. ولم يكن الرجل المصرفي يقسو في معاملته، ولكن أريتينو كان قد كشف عما امتاز به من عبقرية، وتضايق من الاشتغال بالخدمة؛ فكتب قطعة من الهجاء اللاذع يصف فيها حياة الخادم الحقير الذي يقضي وقته في تنظيف المراحيض، وتلميع المباول … وإشباع شهوات الطباخين ورؤساء الخدم، ولا يلبث أن يرى جسمه مرقطاً ومزداناً بالزهري" (٦). وعرض قصائده على بعض ضيوف تشيجي، وترامت الأنباء بأن بيترو أحد الهجائين لساناً وأعظمهم فكاهة. وبدأت قصائده تنتشر، وسر منها البابا ليو، وبعث في طلب مؤلفها، وضحك من فكاهته الخشنة الصريحة، وضمه إلى الموظفين البابويين ليكون في مركز وسط بين الشاعر والمهرج، وظل بيترو ثلاث سنين في خدمة البابا يستمتع بلذيذ المأكل والمشرب.
ثم مات ليو فجأة، وبدأ أريتينو حياة التجوال مرة أخرى. ولما أبطأ مجمع الكرادلة في اختيار من يخلفه، كتب عدة قصائد يهجو فيها الناخبين والمرشحين، ولصقها على تمثال بسكوينو Pasquino وأخذ يكيل السخرية لكثيرين من الكبار حتى لم يكد يبقى له في المدين كلها صديق. ولما انتخب أدريان السادس، وبدأ حملة للإصلاح نفر منه أهل المدينة، فر بيترو إلى فلورنس، ثم إلى مانتوا (١٥٢٣)، حيث عينه فيديريجو شاعر بلاطه بمرتب غير كبير. ولما استجيب دعاء روما ومات أدريان، وجلس ثري من آل ميديتشي مرة أخرى على عرش العروش، بادر بيترو بالذهاب إلى العاصمة كما بادر بالذهاب إليها آلاف غيره من الشعراء، والفنانين، والأوغاد، والرقعاء.
وما كان يصل إليها حتى قضى بنفسه على ما لقيه فيها من ترحيب.