ذلك أن جيوليو رومانو كان قد رسم عشرين صورة، تصف عدة مواقف غرامية مختلفة. ووضع مركانتونيو نقوشاً محفورة لهذه الصور، "وكتببيترو أريتينو". كما يقول فاساري "أغنية بلغت من الفحش درجة لا أستطيع معها أن أقول أيهما شر من الأخرى: الرسوم أو الألفاظ"(٧). وتداول المفكرون الصور والأغاني حتى وصلت إلى جبيرتي Giberti وهو الموظف المنوط ببحث حالات موظفي الحكومة البابوية ولياقتهم لوظائفهم، وكان هذا الموظف معروفاً بعدائه لأريتينو. وسمع بذلك بيترو فخرج من المدينة هائماً على وجهه مرة أخرى. ولما وصل إلى بافيا افتتن به فرانسس الأول الذي أوشك أن يفقد كل شيء عدا الشرف. وفي ذلك الوقت بدل أريتينو موضوعه، وانقلب من النقيض إلى النقيض، ودهشت لذلك روما وحبست أنفاسها من فرط الذهول؛ فقد كتب ثلاثة قصائد في المديح، واحدة منها عن كلمنت، وثانية عن جبيرتي، وثالثة عن فيديريجو. وشفع له المركيز لدى البابا، ورق له قلب جبيرتي، وأرسل كلمنت في طلب أريتينو وعينه فارساً في رودس ورتب له معاشاً. وقد وصفه فرانتشيسكو بيرتي منافسه الوحيد بين الهجائين وقتئذ بقوله:
إنه يسير في شوارع روما في زي الأدواق، ويشترك في جميع مغامرات الأشراف، ويشق لنفسه الطريق بالإهانات المتخفية في الألفاظ الماكرة الخادعة. وهو يجيد الحديث، ويعرف كل قصة من قصص الطعن والتشهير في المدينة. ويسير متأبطاً أذرع أفراد أسرة أوست وجندساجا، ويستمع هؤلاء إلى ثرثرته: وهو يحترمهم ولكنه يشمخ بانفه على كل واحد سواهم، ويعيش من هباتهم، والناس يخشونه لما له من قدرة على الهجاء، ويسره أن يستمع الناس يصفونه بأنه ساخر نمام وقح. وكل ما كان يحتاجه أن يظفر بمعاش، وقد حصل عليه من البابا بعد ان وجه له قصيدة من الدرجة الثانية (٨).