لإيطاليا هي أن خضوعها لشارل الخامس قد أنجاها في أغلب الظن من اجتياح الأتراك لها وانتهابهم إياها.
وانتقلت السيطرة على إيطاليا إلى أسبانيا بمقتضى اتفاقية بولونيا (١٥٣٠) عدا أمرين اثنين: أولهما أن البندقية الحذرة احتفظت باستقلالها، وثانيهما أن البابوية، بعد أن حد من سلطانها، قد أيدت سيادتها على ولايات الكنيسة. فأما نابلي، وصقلية، وسردينية، وميلان، فقد أصبحت تابعة لأسبانيا يحكمها ولاة من قبلها. وأما سافوي ومانتوا، وفيرارا وأربينو وهي التي كانت عادة تؤيد شارل أو تغضى عن فعله فقد سمح لها بان تحتفظ بأدواقها المحليين على شريطة أن يسلكوا مسلكاً حسناً في علاقاتهم بالإمبراطور. واحتفظت جنوى وسينا بشكلهما الجمهوري، ولكنهما خضعتا للحماية الإسبانية، وأرغمت فلورنس على قبول فرع آخر من آل ميديتشي حكاما لها، استبقوا لأنهم تعاونوا مع أسبانيا.
وكان فوز شارل مرحلة أخرى من مراحل انتصار الدولة الحديثة على الكنيسة، لأن ما بدأه فيليب الرابع عام ١٣٠٣ في فرنسا، قد أتمه شارل ولوثر في ألمانيا، وفرانسس الأول في فرنسا، وهنري الثامن في إنجلترا، وقد حدث هذا كله في عهد بابوية كلمنت. ذلك أن دول أوربا الشمالية لم تكتشف ضعف إيطاليا وحسب، بل إنها فضلا عن ذلك قد زال عنها خوفها من البابوية؛ فقد أضعف إذلال كلمنت ما كان يشعر به الناس فيما وراء الألب من احترام للبابوات، وهيأ عقولهم للخروج على سلطان للكنيسة الكاثوليكية.
وكان سلطان الأسبان على إيطاليا نعمة عليها وبركة من بعض الوجوه، فقد قضى هذا السلطان إلى حين على الحروب التي كانت تقوم بين الدويلات الإيطالية بعضها وبعض. كما قضى من عام ١٥٥٩ حتى عام ١٧٩٦ حتى عام ١٧٩٦ على المعارك التي كانت تدور رحاها بين الدول الأجنبية فوق الأراضي الإيطالية؛