القديمة تمكنه من مواجهة مهامه اليومية وارتباطاته بفكر منظم مريح. وهو متمسك بدينه كتراث مقدس وهو شاكر له لأنه يعينه على تدريب أبنائه على المودة والنظام والانضباط. وهو يتبرأ من الثورة التي أشاعت الفوضى في فرنسا ويكره استعجال الشباب الألماني وهياجهم متمثلة في تحللهم الطائش من العلاقات الراسخة، اللازمة بشكل حيوي لضبط المنزل والدولة. وهو - أي الرجل الألماني العادي - يجعل زوجته وأبناءه تابعين له، لكنه يستطيع أن يكون إنسانيا ومحبوبا في منزله في الوقت نفسه وهو يعمل بلا ملل ولا كلل لمواجهة احتياجات أسرته البدنية والعقلية والنفسية.
وقد قبلت الزوجة وضعها دون كبير مقاومة لأنها مقتنعة أن الأسرة الكبيرة في بلد غير آمن يحيطه الأعداء، في حاجة إلى يد ثابتة صارمة. وهي في المنزل - كتابعة لزوجها وملتزمة بالقانون (الشريعة) - تصبح مقبولة كسلطة موجهة، وغالبا ما كانت دوما تحظى بحب أولادها طوال الحياة. وكانت راضية بدورها كأم للأطفال مبرأة من الإثم تحافظ على بقاء الجنس البشري.
لكن كانت هناك أصوات أخرى. ففي سنة ١٧٧٤ كان تيودور فون هبل Theodore Von Hippel قد سبق ماري فولستونكرافت Wollstonecraft بثمانية عشر عاما، إذ نشر كتابه (عن الزواج) فكان صوتا رجوليا للدفاع عن تحرير المرأة. لقد اعترض على قسم الزوجة على طاعة زوجها إذ كان من رأيه أن الزواج مشاركة وليس تبعية الزوجة لزوجها، فهي شريكة له. وطالب بتحرير المرأة تحريرا كاملا ليس فقط بإعفائها من قسم الطاعة بل لأهليتها للمناصب بل لأعلى المناصب، وذكر بعض النسوة الحاكمات في عصره - كريستينا في السويد وكاترين في روسيا، وماريا تريزا في النمسا.
وإذا لم ينص القانون على التحرر الكامل للمرأة، فإن من الأمانة أن نحول مصطلح حقوق الإنسان إلى مصطلح حقوق الرجال ولم تصغ إليه ألمانيا لكن - بتأثير الثورة الفرنسية وانتشار الفكر الراديكالي في ألمانيا - شهدت نهاية القرن ١٨ وبداية القرن ١٩ هبة لنساء متحررات كن كثيرات العدد في الفترة التي نتحدث عنها، لكن كانت حركة تحرير النساء في فرنسا في القرن الثامن عشر هي الأكثر ألمعية، ولم تتسم الحركة في كلا الكيانين بالطيش والتهور. ولم تنظر الحركة