الشاب في هذا التمثال وكأنه أرسطو في حالة تأمل حقيقي والأكثر شهرة بكثير هو التمثال الكامل (من الرأس إلى القدمين) الذي صنعه كانوفا من الجص ثم نحته بعد ذلك من كتلة واحدة من رخام كارارا Carrara marble عند عودته لروما.
وتم إرسال هذا التمثال إلى باريس في سنة ١٨١١ حيث وُضع في متحف اللوفر، لكن نابليون اعترض على هذا التمثال بحجة أنَّ شارة النصر المجنّحة التي وضعها النحّات في يمينه تبدو للرائي وكأنها تطير مبتعدة عنه، فتم حجب التمثال عن المشاهدين وفي سنة ١٨١٦ اشترته الحكومة البريطانية وأهدته إلى ولينجتون Wellington، وهو الآن موجود أدنى سلّم قصر ولينجتون Wellington في لندن (بيت أبسلي Apsley) ويبلغ ارتفاعه أحد عشر قدماً. وقدم كانوفا إلى باريس مرة أخرى في سنة ١٨١٠ لنحت تمثال لماري لويز Marie Louise وهي جالسة على مقعد. ولم تكن النتيجة محل إعجاب لكن نابليون قدَّم للفنان عند رحيله الأموال اللازمة لترميم كاتدرائية فلورنسا ومبلغا لتمويل أكاديمية القديس لوك Luke (للفنون) في روما. وبعد سقوط نابليون أصبح كانوفا رئيساً لهيئة عيَّنها البابا لاستعادة الأعمال الفنية التي كان الجنرالات الفرنسيون قد أرسلوها لباريس، وردّها لأصحابها الأصليين.
لقد تربّع على عرش النحت الإيطالي في عصره، ولم يبزّه في أوربا إلاّ هودون Houdon (١٧٤١ - ١٨٢٨) الذي حظي في هذه الفترة بالتوقير، وكان من رأى بايرون الذي كان أكثر ألفة في إيطاليا منه في فرنسا أن أوروبا والعالم ليس فيها إلاّ كانوفا واحد وأنه - أي كانوفا - يضارع نحّاتي العصور الكلاسيكية القديمة وربما كان أحد أسباب الاحتفاء به هو موجة الكلاسيكيّة الجديدة التي جعلته - كما جعلت ديفيد (ساعد نابليون كليهما) يتبوأ مقعد الريادة في فنّه. لكن أوروبا لم تكن لترضى لفترة طويلة بتقليد (أو نسخ) الأعمال الفنية القديمة أو بتعبير آخر لم تكن لترضى - لفترة طويلة - بتقليد الآثار، لذا فسرعان ما أخضعت الحركة الرومانسية الخط والشكل للون والمشاعر وهكذا زوت شهرة كانوفا.
ولا يبعد عن سياق حديثنا أن نذكر أن كانوفا كان رجلا طيبا معروفا بتواضعه وتقواه وحبه للإحسان كما كان قادراً على تقدير منافسيه وعدم بخسهم حقهم، وكان يعمل