للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

من عقيدة البعث والحساب، والوعد بحياة الخلود، واتخذت صورة العقائد الثابتة في لاهوت بولس، ثم نمت باستيعابها العقائد والطقوس الوثنية؛ وأصبحت كنيسة ظافرة منتصرة، بعد أن ورثت ما امتازت به روما من أنماط وعبقرية منظّمة.

ويبدو أن الرسل كانوا جميعاً يؤمنون بأن المسيح سيعود بعد قليل ليقيم ملكوت السموات على الأرض. أنظر إلى أقوال بطرس في رسالته الأولى: "نهاية كل شيء قد اقتربت فتعقّلوا واصحوا للصلوات" (٣) وتقول رسالة يوحنا الأولى: "أيها الأولاد، هي الساعة الأخيرة وكما سمعتم أن ضد المسيح يأتي قد صار الآن أضداد للمسيح كثيرون (نيرون، فسبازيان، دومتيان). من هنا نعلم أنها الساعة الأخيرة" (٤). وكان الاعتقاد بنزول مسيح ليطهر الأرض، ويقيم ملكوت الله، ويبعث الناس بأجسامهم، وبعودته إلى الأرض، هو القاعدة الأساسية للدين المسيحي في أوائل عهده. على أن هذه العقائد لم تحل بين الرسل وبين استمرارهم في التمسك بالدين اليهودي. وشاهد ذلك ما جاء في أعمال الرسل: "وكانوا كل يوم يواظبون في الهيكل بنفس واحدة" (٥) وأطاعوا قوانين التغذية والحفلات (٦)، واقتصروا في أول الأمر على دعوة اليهود وحدهم إلى دينهم، وكثيراً ما كانوا يخطبون فيهم في الهيكل (٧).

وكانوا يعتقدون أنهم قد تلقوا عن المسيح أو عن الروح القدس قوى عجيبة من الإلهام، وشفاء الأمراض والأقوال. وأقبل عليهم كثيرون من المرضى والعجزة، ويقول مرقس (٨) إن بعضهم شفوا حين مسحوا بالزيت - وكان هذا المسح على الدوام من وسائل العلاج المنتشرة في بلاد الشرق. ويصور مؤلف سفر أعمال الرسل صورة مؤثرة للاشتراكية القائمة على الثقة المتبادلة التي كانت سائدة بين هؤلاء المسيحيين الأولين إذ يقول:

"وكان لجمهور الذين آمنوا قلب واحد ونفس واحدة، ولم يكن أحد