وحيلهم. فترى مثلاً سيدة تفاجأ بزوجها في الفراش مع خادمه الخاص فتحل الكثير من المشاكل جملة بصياحها بأن الخادم يعتدي على عفافها، ويقتل الزوج الخادم، وتنقذ السيدة عرضها وحياتها، والموتى لا يتكلمون. واندفع كل إنسان تقريباً لشراء الكتاب أو استعارته، وقد أبهجه أن يرى افتضاح غيره من الناس. كتبت مجلة فردان في عدد ديسمبر ١٧٠٧ تقول "أن سيدين من رجال الحاشية اقتتلا بالسيوف في دكان باربان للحصول على آخر نسخة من الطبعة الثانية (٧٦) ". وقد وجد سانت-بوف شبه خلاص للعهد في ملاحظة قالها أسمودوس عن شيطان من أخوانه تشاجر معه "لقد تعانقنا، ومن وقتها ونحن خصمان لدودان (٧٧) ".
وبعد عامين كاد لساج يسمو إلى مستوى موليير بهزلية تهجو رجال المال. وقد نمى إلى بعض هؤلاء نبأ "توركاريه" هذه سلفاً فحاولوا منع تمثيلها، وقد صورتهم قصة-ولعلها أسطورة-وهم يعرضون على المؤلف ١٠٠. ٠٠٠ فرنك ليسحب المسرحية (٧٨)، وأمر الدوفان، ابن لويس الرابع عشر، بإخراجها. وتوركاريه هذا مقاول وتاجر ومراب يحيا حياة الترف وسط الفاقة التي جرّتها الحرب. وهو لا يسخو إلا على خليلته التي تبتز ماله بنفس المثابرة التي يبتز بها الناس. يقول الخادم فرونتان "عجباً لمسار حياة البشر. نحن نلتقط مغناجاً، والمغتاح تلتهم رجال أعمال، ورجل الأعمال ينهب غيره، وهذا كله يؤلف أمتع سلسلة من الخدع الدنيئة يمكن تخليلها (٧٩) ".
وربما كان الهجو هنا ظالماً مرهقاً بشهوة الانتقام. وقد وفق لساج، في أشهر روايات القرن الثامن عشر الفرنسية، في رسم شخصية أكثر تعقيداً، وبموضوعية أكبر. وروايته هذه "مغامرات جيل بلاس دي سانتللاني" التي نسج فيها أيضاً على منوال الروايات الأسبانية، تتحرك-بأسلوب روايات التشرد-خلال عالم من اللصوصية، ونوبات السكر، وخطف الناس، وإغواء الناس، والسياسة-عالم الذكاء فيه هو الفضيلة العظمى، والنجاح يغتفر كل شيء. و "جيل" هذا يستهل حياته فتى بريئاً، رقيقاً، مثالياً، محباً للناس، ولكنه ساذج، ثرثار، مغرور. يقبض عليه اللصوص، فينضم إلى عصابتهم ويتعلم حيلهم