للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معبداً تدعوا له، وفي سن الستين يستأجر ستين معبداً وهكذا حتى يموت بسبب ما قد يكون في تقواه من نقص (١)، وكان الرهبان في عهد "توكوجاوا" يشربون الخمر إلى درجة الإسراف ويحيطون أنفسهم بالغانيات صراحة، ويمارسون اللواط (٢)، ويبيعون أحسن مناصب الدين إلى من يدفع فيها أغلى الأثمان (٩٦).

ويظهر أن البوذية قد فقدت سلطانها على الأمة خلال القرن الثامن عشر؛ واتجه الحكام العسكريون نحو الكونفوشية، ونهض "مايوشي" و "موتو أوري" فتزعما حركة تدعو إلى إحياء عقيدة "شنتو"؛ وحاول علماء من أمثال "إشيكاوا" و "أراي هاكوسيكي" أن ينقدوا الدين نقداً عقلياً؛ فقال "إشيكاوا" في جرأة بأن الأصول الدينية التي تتناقلها الأجيال عن طريق الرواية الشفوية يستحيل أن تبلغ من اليقين مبلغ المدونّات المكتوبة؛ وأن الكتابة لم تدخل اليابان إلا بعد ألف عام تقريباً من الأصل المزعوم للجزر اليابانية وأهليها من أن هذه الجزر وهؤلاء الأهلين قد نشئوا من قطرات الرمح التي أمسك بها الآلهة، أو من أصلاب هؤلاء الآلهة؛ وأن ادعاء الأسرة الإمبراطورية بأنها من أصل إلهي، إن هو إلا حيلة سياسية، وأنه إذا لم يكن أسلاف البشر بشراً مثلهم فالأرجح أن يكونوا حيواناً، فذلك أقرب إلى التصديق من أن يكونوا آلهة (٩٩)؛ وهكذا بدأت المدنية في اليابان القديمة- كما بدأت في بلاد كثيرة غيرها- بالدين، وهاهي ذي تدنو من ختامها بالفلسفة.


(١) يقول مردوخ: "كان الرهبان في ديري "كيوتو" و "نارا" العظيمين يبلغون ذروة مجدهم المادي في الأوقات التي كان يتضور الشعب فيها جوعاً، أو يموت بعشرات الآلاف من الوباء؛ لأن المؤمنين بالدين يسخون في هداياهم وعطاياهم أعظم سخاء في أمثال هذه الأوقات".
(٢) في سنة ١٤٥٤ .... كان الصبية يباعون غالباً للكهنة، فكان هؤلاء الكهنة يحلقون لهم حواجبهم ويزينون وجوههم بالمساحيق ويلبسونهم أردية النساء، ويستعملونهم أسفل ضروب الاستعمال، لأنه منذ عهد "يوشيمتسو" الذي ضرب مثلاً سيئاً في هذا الصدد وفي كثير غيره من الأمور، واللواط يزداد شيوعاً، خصوصاً في الأديرة، ولو أنه لم يكن قاصراً على الأديرة وحدها.