عروس للويس هي ماريا تريزا، ابنة فيليب الرابع. أفليس من الجائز، إذا انقطع نسل الذكور في الملوك الأسبان، أن تأتي هذه الأميرة بأسبانيا كلها مهراً لملك فرنسا؟ وهكذا زف لويس إلى ماريا في ١٦٦٠، وكلاهما في الثانية والعشرين، في كل البهاء والبذخ الذي سحر دافعي الضرائب.
أما ماري تريز فكانت امرأة متكبرة، ورعة فاضلة، وقد أعانت قدوتها ونفوذها على إصلاح أخلاقيات البلاط، على الأقل بين حاشيتها، ولكن النظام الصارم الذي نشئت عليه جعلها مكتئبة متبلدة، وكانت شهيتها القوية تزيدها حجماً في الوقت الذي ترمق فيه حسناوات باريس زوجها الوسيم بنظرات الغرام وقد أنجبت له ستة أطفال، لم يتجاوز الطفولة منهم غير واحد هو الدوفن، وكان من سوء طالعها أن يكتشف لويس، في نفس سنة زواجهما، في زوجة أخيه هنرييتا آن، جميع المفاتن التي تجمل الأنوثة الغضة.
أما هنرييتا هذه فهي ابنة تشالز الأول ملك إنجلترا؛ وكانت أمها هنريتا ماريا "ابنة هنري الرابع ملك فرنسا" قد قاسمت زوجها مأساة الحرب الأهلية، فلما دنا جيش البرلمان من مقر قيادة تشالز في أكسفورد، فرت ملكة إنجلترا إلى أكسترا، وهناك اشتد بها المرض حتى أشرفت على الموت، ولدت (١٦٤٤)"أميرة صغيرة جميلة"(١). وراح أعوان البرلمان يتعقبون الأم المريضة، ففرت ثانية، وتسللت إلى ساحل البحر، حيث استقلت سفينة هولندية إلى فرنسا بعد أن أفلتت بالجهد من المدافع الإنجليزية. أما الطفلة التي تركتها أمها في رعاية الليدي آن دولكيت، فقد عاشت عامين في مخبئها بإنجلترا قبل أن تهرب هي أيضاً عبر المانش في
(١) روت مدام دمونتسبان. التي لم تخل من تحيز في مذكراتها، كيف أهدى أمير أفريقي قزماً زنجياً لماري، وكيف ولدت ماري "بنتاً جميلة صحيحة الجسم، سوداء من قمة رأسها إلى أخمص قدمها" وعزت الملكة هذا اللون إلى خوفها من القزم خلال حملها، وأذاعت "غازيته" باريس أن الفتاة ماتت عقب ولادتها، ولكن يبدو أنها عاشت، وربتها أسرة ملونة، وأصبحت راهبة. (١٠٢)