اللاهوت المسيحي وعبادة الصينيين لأسلافهم (٢٩). وإن لم يتهمها اليسوعيين صراحة بتبرير الوسائط لبلوغ الغايات. وكان هذا المهدي يزداد حماسة كلما توالت الرسائل وكشف له آرنو عن المزيد من فتاوى إيسكوبار. وبعد الرسالة العاشرة أقلع عن أكذوبة الباريسي كاتب الرسائل للإقليمي، وأماط اللثام عن شخصه، ووجه الخطاب إلى اليسوعيين رأساً في بلاغة تضطرم سخطاً، وذكاء يفيض تهكماً. وكان ينفق أحياناً عشرين يوماً في تحرير رسالة واحدة، ثم يهرع بها إلى المطبعة قبل أن يفتر اهتمام الجمهور، وقد اعتذر عن طول الرسالة السادسة عشرة بعذر فريد في بابه، إذ قال "لم يتسع لي الوقت لإحضارها (٣٠) ". وفي الرسالة الثامنة عشر والأخيرة (٢٤ مارس ١٦٥٧) تحدى البابا نفسه. ذلك أن البابا الإسكندر السابع أصدر (١٦ أكتوبر ١٦٥٦) تنديداً آخر بالجانسنية، فذكر بسكال قراءه بأن حكم البابا عرضة للخطأ، كما أخطأ في حالة جاليليو (٣١)(وذلك شعور بسكال). وأدان البابا الرسائل (٦ سبتمبر ١٦٥٧) ولكن فرنسا المثقفة كلها قرأتها.
أكانت الرسائل منصفة لليسوعيين؟ أنقلت المختارات عن الكتاب اليسوعيين نقلاً أميناً؟ قال عقلاني مثقف "صحيح ولا ريب أن بعض العبارات المعدلة حذفت أحياناً دون موجب، وأن عبارات أخرى ترجمت ترجمة خاطئة، وأن ضغط الفقرات الطويلة في جمل قصيرة يشعرك في بعض الحالات بأن هذا إجحافاً بالمؤلف" ثم يقول "ولكن هذه الحالات قليلة وغير هامة نسبياً"(٣٢) وهناك الآن إجماع على أن المختارات دقيقة في جوهرها (٣٣) على أنه لابد من التسليم بأن بسكال انتزع أشد فقرات بعض المفتين إزعاجاً وشبهة من سياقها، وقاد شطراً من الجمهور إلى رأي فيه غلو كثير، مؤداه أن هؤلاء الفقهاء اللاهوتيين يتآمرون على هدم أخلاق العالم المسيحي. وقد أطرى فولتير براعة الرسائل بوصفها أدباً، ولكنه رأى أن "الكتاب كله مبني على أساس زائف. فقد نسب المؤلف في حذق إلى الجماعة اليسوعية