أما الكنيسة نفسها فلم تكون قد وافقت قط على التسامح الذي نقله مرسوم نانت، ففي ١٦٥٥ طالب مجمع اكليريكي بتفسير أشد صرامة للمرسوم. وفي ١٦٦٠ طلب مجمعهم إلى الملك أن يغلق جميع الكليات والمستشفيات الهيجونوتية، وأن يحرم الهيجونت من الوظائف العامة، وفي ١٦٧٠ أوصى المجمع بأن يعتبر الأطفال الذين بلغوا السابعة من عمرهم قادرين قانونياً على إنكار الهرطقة الهيجونوتية، وأن الذين ينكرونها على هذا النحو ينبغي فصلهم عن آبائهم، وفي ١٦٧٥ طالب المجمع بأن يعلن بطلان الزيجات المختلطة، وأن يعتبر نسل هذه الزيجات غير شرعي (٨٣). وكان رأي بعض رجال الدين الورعين اللطفاء مثل الكاردينال دبيرول أن استخدام الدولة لوسائل المنع بالإكراه هو السبيل العملي الوحيد في التعامل مع البروتستنتية (٨٤)، وألح الحبر تلو الحبر على الملك بهذه الحجة، وهي أن استقرار حكومته يرتكز على النظام الاجتماعي، الذي يرتكز على الفضيلة، التي تنهار إذا لم يدعمها دين الدولة. وشارك العلمانيون الكاثوليك في هذه الحجة، وأبلغ القضاة الحكومة عن صدمات مكدرة للأمن بين المذهبين المتنافسين في المدن-هجمات كاثوليكية على المدارس والجنازات والبيوت البروتستنتية، وأعمال انتقام بروتستنتية من نفس النوع.
وشيئاً فشيئاً أذعن لويس لهذه الحملة مخالفاً في ذلك فطرته الأميل إلى الخير، وإذ كان على الدوام في حاجة للمال ينفقه على الحرب والأناقة، فقد وجد رجال الدين يقدمون له منحاً كبيرة شريطة أن يقبل آراءهم. ودفعته عوامل أخرى في نفس الاتجاه، فلقد كان يشجع-بل يرشو-تشارلز الثاني لكي يحول إنجلترا إلى الكاثوليكية، فكيف يتأنى في الوقت ذاته أن يسمح بالبروتستنتية في فرنسا؟ ألم يوافق البروتستنت في صلح أوجزبورج (١٥٥٥) وبعده على المبدأ القائل بأن دين الحاكم يجب أن يفرض على رعاياه؟ وألم ينفِ الحكام البروتستنت في ألمانيا وفي الأقاليم المتحدة الأسر التي رفضت ديانة الأمير؟