وكانت ثمرة هذه الرعاية والتأمين للفن إنتاجاً رائعاً ضخماً للقصور، والكنائس، والتماثيل، والصور، وقطع النسيج المرسوم، والخزف، والمداليات، والمحفورات، والنقود، وكلها مطبوع بكبرياء "الملك الشمس" وذوقه، وبقسمات وجهه أحياناً كثيرة. ولم يكن هذا إخضاع الفن الفرنسي لروما كما شكا البعض، بل إخضاع فن روما للويس الرابع عشر. وقد استهدف الأسلوب أن يكون كلاسيكياً، لأن ذلك الأسلوب يتفق وعظمة الدول وجلال الملوك. وتدفقت الأموال الفرنسية إلى إيطاليا بأمر كولبير لشراء آثار الفن الكلاسيكي أو فن النهضة، وبذل كل شيء لنقل مجد الأباطرة الرومان إلى ملك فرنسا وعاصمتها، وكانت النتيجة مذهلة للعالم.
وأصبح لويس الرابع عشر أعظم رعاة الفن الذين عرفهم التاريخ. فقد "بذل للفنون من التشجيع قدراً أعظم من جميع نظرائه من الملوك مجتمعين"(في رأي فولتير)(٢). وكان بالطبع أسخى جماعي الفنون، فزاد عدد الصور في قاعاته من مائتين إلى ألفين وخمسمائة، وكان كثير منها من إنتاج فنانين فرنسيين كلفهم الملك برسمها. واشترى الكثير جداً من المنحوتات الكلاسيكية وتماثيل عصر النهضة، حتى لقد خشيت إيطاليا أن تنزح آثارها الفنية، وحظر البابا المزيد من تصدير هذه الآثار. واستخدم لويس رجالاً موهوبين مثل جيراردون أو كوازيفوكس لنقل نسخ من التماثيل التي لم يستطع شراءها، وقل أن نافست نسخ أصولها كما نافستها هذه النسخ. وملئت قصور باريس وفرساي ومارلي وحدائقها وبساتينها بالتماثيل، وكان أوثق سبيل إلأى قلب الملك إهداؤه أثراً ذا جمال غير منازع أو شهرة راسخة. مثال ذلك أن مدينة آرل أهدته تمثالها الشهير "فينوس" في ١٦٨٣. ولم يكن لويس بالرجل الشحيح. وقد قدر فولتير أنه كان يشتري في كل عام من آثار الفنانين الفرنسيين ما قيمته ٨٠٠. ٠٠٠ جنيه ويهديها للمدن والمؤسسات والأصدقاء (٣) بهدف مساعدة الفنانين وبث ملكة الجمال والإحساس الفني في الوقت نفسه. وكان ذوق الملك سليماً أسدى إلى الفن