للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عبقريته آخذة في النضوب. وضاع ولعه بتصوير النبالة وسط بحر من الجدل، وهزمت بلاغته ذاتها باستمرارها دون توقف. قال موليير "إن لصديقي كورني رفيقاً يلهمه أروع شعر في الدنيا. ولكن يحدث أن يتركه رفيقه ليرعى شؤونه، وعندها يتعثر شر تعثر (٥). " وقد لقيت "بارتاريت" من سوء الاستقبال ما حمل كورنيي على أن يعتزل المسرح ست سنوات (١٦٥٣ - ٥٩)، وتناول نقاده في سلسلة من "الفحوص"، وفي ثلاث أحاديث عن الشعر المسرحي. وقد دلت هذه الأحاديث على صعود موهبته النقدية بهبوط ملكته الشعرية، وأصبحت ينبوعاً للنقد الأدبي الحديث، واتخذها درايدن نماذج حين دافع عن شعره المتوسط الجودة في نثر رائع.

وفي ١٦٥٩ ردت كورنيي إلى خشبة المسرح لفتة تلقاها من فوكيه. وظفرت مسرحيته "أوديب" ببعض الاستحسان عقب ثناء الملك الشاب عليها، ولكن المسرحيات التي تلتها-سرتوريوس (١٦٦٢)، وسوفونيسب (١٦٦٣)، وأوتون (١٦٦٤)، وآجيسيلاس (١٦٦٦) وأتيلا (١٦٦٧) -هذه كلها كانت قاصرة قصوراً لم يستطع فونتنبيل إزاءه أن يصدق أن كاتبها هو كونيي؛ وقال بوالو في بيت ساخر:

"بعد أجيسيلاس، وا أسفاه! ولكن بعد أتيلا، قف! " وزادت مدام هنرييتا الطين بلة، مع أنها كانت عادة آية العطف والرقة، حين دعت كلاً من كونيي وراسين، بعلم من كل، إلى أن يكتب تمثيلية في ذات الموضوع-وهو بيرنيس، الأميرة اليهودية التي وقع في حبها تيطس الإمبراطور القادم. ومثلت بيرنيس التي ألفها راسين فيالأوتيل دبورجون في ٢١ نوفمبر ١٦٧٠ بعد خمسة أشهر تقريباً من موت هنرييتا، ولقيت نجاحاً كاملاً. أما مسرحية كونيي "تيطس وبرينيس" فقد مثلتها فرقة موليير بعد ذلك بأسبوع، ولم تلق غير استقبال فاتر: وحطم فشلها روح كونيي. وجرب حظه ثانية بمسرحيتي "بولشيري" (١٦٧٢) وسورينا (١٦٧٤)،