الحافز الديني كلما ضعف الحافز الجنسي) يلوح بغصن الزيتون للبور-رويال فيقول:
"لست أجرؤ على أن أؤكد لنفسي أن هذه … خير مآسي … ولكني وأثق أنني لم أكتب مأساة عرضت فيها الفضيلة في ضوء أفضل. فأتفه الذنوب تعاقب هنا عقاباً صارماً، ومجرد التفكير في الجريمة ينظر إليه هنا نظرة الاستهجان التي ينظر بها إلى الجريمة ذاتها، وعثرات الحب ينظر إليها هنا كأنها عثرات حقيقية، والعواطف المشبوبة لا تعرض على الأنظار إلا لترى الخلل التي هي السبب فيه، والرذيلة مصورة في المسرحية كلها بألوان تتيح لنا أن نراها ونكره شكلها الشائه. وتلك هي الغاية الصحيحة التي ينبغي أن يستهدفها كل من يعمل لجمهور الشعب. ولعل هذه أن تكون وسيلة المصلحة بين الدراما المأساوية، وكثيرين من الأشخاص المعروفين بتقواهم وتعاليمهم، والذين أدانوها مؤخراً، ولكنهم سيحكمون عليها حكماً أكثر عطفاً لوعني المؤلفون بتعليم جمهوره النظارة عنايتهم بالترفيه عنهم، ولو ترسموا في هذا التعليم القصد الصحيح من المأساة (١٧) ".
ورحب آرنو، المعروف بتقواه وتعاليمه، بهذه النغمة الجديدة، وأعلن رضاءه عن فيدر. ولعل راسين وهو يكتب المقدمة، وقد بلغ الثامنة والثلاثين، كان يتطلع إلى حياة من الاستقرار يسكن فيها إلى امرأة واحدة بدل النساء الكثيرات. ففي أول يونيو سنة ١٦٧٧ تزوج زوجة أقنه بمهر كبير. وقد أكتشف ما في الحياة العائلية من أسباب الراحة، ووجد من البهجة في ابنه البكر أكثر مما وجد في أكثر مسرحياته توفيقاً. وكانت غيرة مزاحميه ودسائسهم قد نفرته من المسرح، فألقى جانباً الخطط والمذكرات التي كان قد أعدها لأربع مسرحيات، واقتصر طوال اثني عشر عاماً على كتابة الشعر والنثر بين الحين والحين؛ لا سيما تأليف تاريخ للبور-رويال طابعه التبجيل والولاء البنوي.
ونغص عليه هذا الهدوء المثالي حادث مؤسف أليم. ذلك أن المحكمة