رشيق من وجهة نظر جزئية عن نفوس أفراد جادت حظوظهم، وأما الآخر فتعبير قوي كامل عن روح جنس بأسره.
ومن ثم وجب علينا أن نختم هذا العرض الموجز بما بدأناه به، وهو الاعتراف بأنه لا يستطيع أن يقدر فن الهند كل قدره، أو أن يكتب عنه كتابة تعفو عن نقائصه، إلا هندوسي؛ فهذا الفن المقرب إلى نفوسهم، الذي تملؤه الزخرفة إلى حد الإسراف؛ وتشتبك أجزاؤه إلى حد التعقيد، قد يبدو لعين الأوربي الذي نشأ على قواعد يونانية أرستقراطية من الاعتدال والبساطة، قريباً من الفن البدائي الهمجي؛ لكن هذه الكلمة الأخيرة هي نفسها الصفة التي استعملها "جوته" صاحب النزعة الكلاسيكية، حين ازورت نفسه عن كاتدرائية ستراسبورج، والطراز القوطي؛ فهي تعبر عن رد الفعل العقلي للوجدان، والتدليل المنطقي للدين؛ لا يستطيع أن يشعر بجلال المعابد الهندوسية إلا هندوسي مؤمن، لأن هذه المعابد لم تشيد لتكون صورة معبرة عن الجمال وكفى، بل شيدت لتكون حافزاً على التقوى، وأساساً للإيمان، ولا يستطيع أحد منا أن يفهم الهند إلا أهل عصورنا الوسطى- أمثال "جيوتو" و "دانتي".
على هذا الأساس وحده ينبغي أن ننظر إلى المدنية الهندية- أعني على أساس أنها تعبير عن نفوس شعب "وسيط" اعتبر الديانة أعمق من العلم، ويكفيها لتكون أعمق منه، أن سلم منذ البداية بالجهل البشري الذي لازم الإنسان منذ الأزل، وبغرور الإنسان قدرته؛ في هذه التقوى يكمن ضعف الهندوسي وتكمن قوته على السواء: فيه تكمن خرافته ووداعته، ويكمن ميله إلى الانطواء على نفسه ونفاذ بصيرته؛ ويكمن تأخره وعمقه، ويكمن ضعفه في القتال وبراعته في الفنون؛ ولا شك أن مناخ بلاده قد أثر في عقيدته الدينية وتعاون كلاهما على إضعافه؛ ولهذا استسلم في يأس المؤمن ببطش القضاء، للآريين والهون والمسلمين والأوربيين، ولقد عاقبه التاريخ على إهماله للعلم؛