للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مراعاة لمصلحتهم، إلا أنه لا يستتبع هذا أن كل ما يفعلوه فاسد، وأنه لم يبق في الدنيا شيء اسمه العدالة أو الأمانة. فالناس قد يحكمون أنفسهم بوسائل شريفة، ويختطون (لأنفسهم) مصالح كلها الخير والنبل (٩٥) ".

وقد ألانت الشيخوخة جانب لاروشفوكو، حتى وهي تزيده شجناً على شجن. ففي ١٦٧٠ ماتت زوجته ثلاثة وأربعين عاماً من الوفاء الصابر، وبعد أن أنجبت له ثمانية أطفال، وقامت على تمريضه طوال الأعوام الثمانية عشر الأخيرة. وفي ١٦٧٢ ماتت أمه، وقد اعترف أن حياتها كانت معجزة طويلة من المحبة. وفي تلك السنة جرح اثنان من أبنائه في غزوة هولندا، ومات أحدهما من جروحه. كذلك سقط في نفس الحرب الفاجرة ابنه غير الشرعي الذي ولدته له مدام دلونجفيل، والذي لم يؤذن له بأن يطالب به ابناً برغم أنه أحبه حباً عميقاً. روت مدام دسفينييه "رأيت لاروشفوكو يبكي في حنان جعلني أعبده (٩٦) ". ترى أكان حبه لأمه وأولاده حباً لذاته؟ أجل، إذا نظرنا إليهم على أنهم جزء من ذاته وامتدادها لها. وهذا هو التصالح بين الإيثار والأثرة-فلإيثار توزيع للذات، ولمحبة الذات، للأسرة، أو الأصدقاء، أو الجماعة. وفي وسع المجتمع أن يقنع بمثل هذه الأنانية السمحة الشاملة.

ومن أكثر ملاحظات لاروشفوكو سطحية قوله "أن فضل القليل من النساء يدوم أطول من جمالهن (٩٧) ". لقد كانت أمه وزوجته استثنائين، ولم يكن الكرم تجاهل آلاف النساء اللاتي ضيعن جمالهن الجسدي في خدمة الرجل والأطفال. وفي ١٦٦٥ بذلت امرأة ثالثة معظم حياتها. ولا شك في أن مدام دلافاييت أرضت قلبها هي وهي تحاول أن تسري عنه. فلقد كان يومها في الثانية والخمسين، يشكو النقرس ونصف العمى، أما هي فكانت في الثالثة والثلاثين، محتفظة بجمالها، ولكنها عليلة تشكو حمى الملاريا. ولقد روعها ما في أمثاله من كلبية، ولعل فكرة سارة بإصلاح هذا الرجل الشقي والتسرية عنه خالطت رأيها فيه، فدعته إلى بيتها في باريس،