بقائهما على "حالة البراءة"(١١٦)، ولكن بعد "الخطيئة" أي أكل الفاكهة المحرمة من شجرة المعرفة-بدأ يستشعران الخزي والعار في الاتصال الجنسي (١١٧). وهنا ينظر آدم إلى حواء على أنها مصدر كل الشر، "ضلع أعوج بالطبيعة" ويرثي لأن الله خلق المرأة:
لماذا خلق الله في النهاية هذه البدعة على الأرض، هذه العلة الجميلة في الطبيعة، ولم يملأ العالم على الفور، برجال مثل الملائكة، دون أثاث، أو يجد طريقة أخرى لتوالد بني البشر (١١٨)؟.
ومن ثم فإن الإنسان الأول، في تاريخ الزواج في الكتاب المقدس، سرعان ما اصطنع ذريعة ليطلق الرجل زوجته في سهولة ويسر، وهنا نجد ملتون ينسي آدم، ويكرر شعراً ما سبق أن ذكره نثراً، عن خضوع المرأة خضوعاً حقيقياً تاماً للرجل (١١٩). وسيعود إلى هذه اللازمة في قصيدة " Samson Agoniates (١٢٠)". فهي حلمه الأثير الحبيب إلى نفسه. وفي رسالته السرية "العقيدة المسيحية" دافع عن إعادة "تعدد الزوجات"، ألم يجره العهد القديم. ألم يترك العهد الجديد هذا القانون الحكيم الشجاع دون إلغاء أو تعطيل؟ (١٢١).
ومهما فسرت "مخالفة الإنسان الأول لأمر ربه" (الخطيئة الأولى)، فقد ثبت أنها موضوع أصغر من أن يملأ اثني عشر قسماً، لأن الملحمة تتطلب سلسلة من الأحداث والأعمال، ولكن حيث أن ثورة الملائكة انتهت حين بدأت القصة. فإن المسرحية لا تدخل إلى القصيدة إلا عن طريق الذكريات أو العودة إلى الماضي، وهو صدى آخذ في الذبول والزوال. ومشاهد المعركة موصوفة وصفاً جيداً، بما في ذلك التصارع المناسب بالسلاح، وشج الرؤوس وتقطيع الأوصال، ولكن من العسير أن تشعر بالألم أو بنشوة الابتهاج لهذه الضربات الخيالية. وعلى غرار الكتاب المسرحيين الفرنسيين يطلق ملتون لنفسه العنان للخطابة، فالجميع ابتداء من "الله" إلى حواء يخطبون، ولم يجد الشيطان في سمير جهنم ما يحول بينه وبين البلاغة وأنه