للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حين نشر في يوم واحد (٢٠ سبتمبر ١٦٧٠) في غير ما شفقة ولا رحمة، اثنين من أعماله: "الفردوس المستعاد" و "شمشون الجبار". في ١٦٦٥ بعد أن انتهى توماس الوود من قراءة ملحمة ملتون الأولى تحداه قائلاً: "لقد تحدثت هنا كثيراً عن الفردوس المفقود، فماذا عساك تقول الآن عن الفردوس الذي وجد؟ (١٣٥) "، وطرقت الفكرة ذهنه بشدة، ولكنه تسائل: كيف يعرض استعادة الفردوس في أية مرحلة في التاريخ، فإن موت المسيح نفسه لم يطهر الإنسان من الجريمة والشهوة والحرب ولكنه فكر أنه رأى في مقاومة المسيح لإغراء الشيطان، وعداً بأن جانب الله في الإنسان لابد يوماً أن يقهر جانب الشيطان في الإنسان نفسه، ويهيئه للحياة تحت حكم المسيح والعدالة على الأرض.

ومن ثم فإن ملتون في الأقسام الأربعة من "الفردوس المسترد"، لم يركز في حياة المسيح على الصلب، بل على "تجربة الإغراء في البرية"، حيث يقدم الشيطان للمسيح "ولداناً … أجمل من سقاة الآلهة"، ثم "الحور والعذارى الفاتنات، وسيدات من حدائق التفاح الذهبي" ثم يعرض عليه المال والثراء-ولكن أولئك دون جدوى. ثم يريه الشيطان روما الإمبراطورية تحت حكم تيبريوس المنهوك المكروه الذي لم يعقب، فهلا يريد المسيح أن يقود ثورة بعون من الشيطان، وينصب نفسه إمبراطوراً على العالم؟ ولما لم يرق هذا في عيني يسوع، ولم يستهو قلبه فإن الشيطان، أراه أثينا بلد أرسطو وأفلاطون، فهلا رغب في اللحاق بهما ليكون فيلسوفاً؟ ثم يدخل المسيح والشيطان في حوار غريب حول مزايا الأدب اليوناني والعبري. فينحاز المسيح إلى جانب أنبياء وشعراء بني إسرائيل على أنهم أسمى بكثير من اليونانيين:

أخذت اليونان عنا هذه الفنون، ولم تحسن تقليدها (١٣٧).

وبعد قسمين من الملحمة استغرقهما الحوار، أقر الشيطان بهزيمته، وبسط جناحيه وطار، على حين تتجمع فرقة من الملائكة حول المسيح